للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أبي ربيعة أخي أبي جهل لأمه -وهي أسماء بنت مُخَرِّبَة (١) - وذلك أنه قتل رجلا كان يعذبه مع أخيه على الإسلام، وهو الحارث بن يزيد العامري، فأضمر له عَيّاش السوء، فأسلم ذلك الرجل وهاجر، وعياش لا يشعر، فلما كان يوم الفتح رآه، فظن أنه على دينه، فحمل عليه فقتله. فأنزل الله هذه الآية (٢).

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: نزلت في أبي الدرداء؛ لأنه قتل رجلا وقد قال كلمة الإسلام (٣) حين رفع (٤) السيف، فأهوى به إليه، فقال كلمته، فلما ذكر ذلك للنبي قال: إنما قالها متعوذا. فقال له: "هل شققت عن قلبه" (٥) [وهذه القصة في الصحيح لغير أبي الدرداء] (٦).

وقوله: (وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ [إِلا أَنْ يَصَّدَّقُوا]) (٧) هذان واجبان في قتل الخطأ، أحدهما: الكفارة لما ارتكبه من الذنب العظيم، وإن كان خطأ، ومن شرطها أن تكون عتق رقبة مؤمنة فلا تجزئ الكافرة.

وحكى ابن جرير، عن ابن عباس والشعبي وإبراهيم النَّخَعِي والحسن البصري أنهم قالوا: لا يجزئ الصغير حتى يكون قاصدًا للإيمان. وروي من طريق عبد الرزاق (٨) عن معمر، عن قتادة قال: في حرف، أبي: (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) لا يجزئ فيها صبي.

واختار ابن جرير إن كان مولودًا بين أبوين مسلمين أجزأ، وإلا فلا. والذي عليه الجمهور: أنه متى كان مسلمًا صح عتقه عن الكفارة، سواء كان صغيرًا أو كبيرًا.

وقال الإمام أحمد: أنبأنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزُّهري، عن عبد الله بن عبد الله، عن رجل من الأنصار؛ أنه جاء بِأَمَةٍ سوداء، فقال: يا رسول الله، إن علي رقبة مؤمنة، فإن كنت ترى هذه مؤمنة أعتقتها. فقال لها رسول الله : "أتشهدين أن لا إله إلا الله؟ " قالت: نعم. قال: "أتشهدين أني رسول الله؟ " قالت نعم. قال: "أتؤمنين بالبعث بعد الموت؟ " قالت: نعم، قال: "أعتقها".

وهذا إسناد صحيح، وجهالة الصحابي لا تضر (٩).

وفي موطأ [الإمام] (١٠) مالك ومسندي الشافعي وأحمد، وصحيح مسلم، وسنن (١١) أبي داود والنسائي، من طريق هلال بن أبي ميمونة، عن عطاء بن يسار، عن معاوية بن الحكم أنه لما جاء بتلك الجارية السوداء قال لها رسول الله : "أين الله؟ " قالت: في السماء. قال: "من أنا" قالت: أنت


(١) في ر: "محزبة".
(٢) رواه الطبري في تفسيره (٩/ ٣٣).
(٣) في ر: "الإيمان".
(٤) في أ: "رفع عليه".
(٥) رواه الطبري في تفسيره (٩/ ٣٤).
(٦) زيادة من ر، أ.
(٧) زيادة من د.
(٨) في أ "عبد العزيز".
(٩) المسند (٣/ ٤٥١).
(١٠) زيادة من أ.
(١١) في ر، أ: "وسنني".