للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

رسول الله قال: "أعتقها فإنها مؤمنة" (١).

وقوله: (وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ) هو الواجب الثاني فيما بين القاتل وأهل القتيل، عوضا لهم عما فاتهم من قريبهم. وهذه الدية إنما تجب أخماسا، كما رواه الإمام أحمد وأهل السنن، من حديث الحجاج بن أرطأة، عن زيد بن جبير، عن خشف بن مالك، عن ابن مسعود قال: قضى رسول الله في دية الخطأ عشرين بنت مخاض، وعشرين بني مخاض ذكورا، وعشرين بنت لبون، وعشرين جَذَعة (٢) وعشرين حِقَّة.

لفظ النسائي، وقال الترمذي: لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه، وقد روي عن عبد الله موقوفا (٣).

وكذا روي عن [علي و] (٤) طائفة.

وقيل: تجب أرباعا. وهذه الدية إنما تجب على عاقلة القاتل، لا في ماله، قال الشافعي، : لم أعلم مخالفا أن رسول الله قضى بالدية على العاقلة، وهو أكثر (٥) من حديث الخاصة (٦) وهذا الذي أشار إليه، ، قد ثبت في غير ما حديث، فمن ذلك ما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة قال: اقتتلت امرأتان من هُذَيل، فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها، فاختصموا إلى رسول الله ، فقضى أن دية جنينها غُرَّة عبد أو أمة، وقضى بدية المرأة على عاقلتها (٧).

وهذا يقتضي أن حكم عمد الخطأ حكم الخطأ المحض في وجوب الدية، لكن هذا تجب فيه الدية أثلاثا كالعمد، لشبهه به.

وفي صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر قال: بعث رسولُ الله خالد بن الوليد إلى بني جذيمة، فدعاهم إلى الإسلام، فلم يحسنوا أن يقولوا: أسلمنا. فجعلوا يقولون: صبأنا صبأنا. فجعل خالد يقتلهم، فبلغ ذلك رسول الله ، فرفع يديه وقال: "اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد". وبعث عليا فودى قتلاهم وما أتلف من أموالهم، حتى مِيلَغة الكلب (٨).

وهذا [الحديث] (٩) يؤخذ منه أن خطأ الإمام أو نائبه يكون في بيت المال.

وقوله: (إِلا أَنْ يَصَّدَّقُوا) أي: فتجب فيه الدية مسلمة إلى أهله إلا أن يتصدقوا (١٠) بها فلا تجب.


(١) الموطأ (٢/ ٧٧٧) ومسند الشافعي برقم (١١٩٦) "بدائع المنن" ومسند أحمد (٥/ ٤٤٧) صحيح مسلم برقم (٥٣٧) وسنن أبي داود برقم (٢٣٨٤) وسنن النسائي (٣/ ١٤).
(٢) في ر، أ "جزعا".
(٣) المسند (١/ ٣٨٤) وسنن النسائي (٨/ ٤٣) وسنن أبي داود برقم (٤٥٤٥) وسنن الترمذي برقم (١٣٨٦) وسنن ابن ماجة برقم (٢٦٣١).
(٤) زيادة من ر، أ.
(٥) في أ: "أكبر".
(٦) الأم (٦/ ١٠١)
(٧) صحيح البخاري برقم (٦٩١٠) وصحيح مسلم برقم (١٦٨١).
(٨) صحيح البخاري برقم (٧١٨٩).
(٩) زيادة من أ.
(١٠) في ر: "يصدقوا"