للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ورواه ابن أبي حاتم وابن جرير (١) وقال عبد الرزاق: أخبرني ابن جُرَيْج، أخبرني عبد الكريم -هو ابن مالك الجَزري (٢) -أن مِقْسما مولى عبد الله بن الحارث -أخبره أن ابن عباس أخبره: لا يستوي القاعدون من المؤمنين عن بدر، والخارجون إلى بدر.

انفرد به البخاري (٣) دون مسلم. وقد رواه الترمذي من طريق حجاج، عن ابن جُرَيج، عن عبد الكريم، عن مِقْسم، عن ابن عباس قال: لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضر عن بدر، والخارجون إلى بدر، لما نزلت غزوة بدر قال عبد الله بن جحش وابن أم مكتوم: إنا أعميان يا رسول الله فهل لنا رخصة؟ فنزلت: (لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ) وفضل الله المجاهدين على القاعدين درجة، فهؤلاء القاعدون غير أولي الضرر (وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا) درجات منه على القاعدين من المؤمنين غير أولي الضرر.

هذا لفظ الترمذي، ثم قال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه. (٤)

فقوله [تعالى] (٥) (لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) كان مطلقا، فلما نزل بوحي سريع: (غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ) صار (٦) ذلك مخرجا لذوي الأعذار (٧) المبيحة لترك الجهاد -من الْعَمَى والعَرَج والمرض-عن مساواتهم للمجاهدين في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم.

ثم أخبر تعالى بفضيلة المجاهدين على القاعدين، قال ابن عباس: (غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ) وكذا ينبغي أن يكون لما ثبت في الصحيح عند البخاري من طريق زهير بن معاوية، عن حُمَيْد، عن أنس؛ أن رسول الله قال: " إن بالمدينة أقوامًا ما سِرْتُم من مَسِير، ولا قطعتم من واد إلا وهم معكم فيه " قالوا: وهم بالمدينة يا رسول الله؟ قال: " نعم حبسهم العذر ".

وهكذا رواه الإمام أحمد عن محمد بن أبي عَدِيّ عن حُمَيد، عن أنس، به (٨) وعلقه البخاري مجزوما. ورواه أبو داود عن حماد بن سلمة، عن حميد، عن موسى بن أنس بن مالك، عن أبيه عن النبي قال: " لقد تركتم بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرًا، ولا أنفقتم من نفقة، ولا قطعتم من وادٍ إلا وهم معكم فيه ". قالوا: يا رسول الله، وكيف (٩) يكونون معنا وهم بالمدينة؟ قال: " حبسهم العذر ".

لفظ أبي داود (١٠) وفي هذا المعنى قال الشاعر:

يا راحلين إلى البَيت العتيق لَقَدْ … سرْتُم جُسُوما وسرْنا نحنُ أرواحا

إنَّا أقَمنا على عُذْرٍ وعَنْ قَدَرٍ … ومَنْ أقامَ على عذْرٍ فقد راحا


(١) تفسير عبد الرزاق (١/ ١٦٤) وتفسير الطبري (٩/ ٩١).
(٢) في أ: "الجهزي".
(٣) تفسير عبد الرزاق (١/ ١٦٥) وصحيح البخاري برقم (٤٥٩٥).
(٤) سنن الترمذي برقم (٣٠٣٢).
(٥) زيادة من ر، أ.
(٦) في أ: "كان".
(٧) في أ: "الأضرار".
(٨) صحيح البخاري برقم (٢٨٣٨) والمسند (٣/ ١٠٣).
(٩) في ر: "قالوا: وكيف يا رسول الله".
(١٠) صحيح البخاري برقم (٢٨٣٩) وسنن أبي داود برقم (٢٥٠٨).