للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: (وَكُلا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى) أي: الجنة والجزاء الجزيل. وفيه دلالة على أن الجهاد ليس بفرض عين بل هو فرض على الكفاية.

ثم قال تعالى: (وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا) ثم أخبر تعالى بما فضلهم به من الدرجات، في غرف الجِنَان (١) العاليات، ومغفرة الذنوب والزلات، وحلول الرحمة والبركات، إحسانا منه وتكريما؛ ولهذا قال تعالى: (دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا)

وقد ثبت في الصحيحين (٢) عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله قال: " إن (٣) في الجنة مائة درجة، أعدها الله للمجاهدين في سبيله، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض".

وقال الأعمش، عن عمرو بن مُرّة، عن أبي عبيدة، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله : " من بلغ بسهم فله أجره درجة " فقال رجل: يا رسول الله، وما الدرجة؟ فقال: " أما إنها ليست بعتبة أمك، ما بين الدرجتين مائة عام " (٤).

﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (٩٧) إِلا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلا (٩٨) فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا (٩٩) وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (١٠٠)

قال البخاري: حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ، حدثنا حَيْوَة وغيره قالا حدثنا محمد بن عبد الرحمن أبو الأسود قال: قطع على (٥) أهل المدينة بعْثٌ، فاكتتبت فيه، فلقيتُ عكرمة مولى ابن عباس فأخبرته، فنهاني عن ذلك أشد النهي، ثم قال: أخبرني ابن عباس أن ناسا من المسلمين كانوا مع المشركين، يكثرون سواد المشركين على رسول الله يأتي السهم فَيُرمى (٦) به، فيصيب أحدهم فيقتله، أو يضرب عنقه فيقتل، فأنزل الله [﷿] (٧) (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ) رواه الليث عن أبي الأسود (٨).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن منصور الرَّمَادِي، حدثنا أبو أحمد -يعني الزبيري-حدثنا


(١) في أ: "الجنات".
(٢) رواه مسلم في صحيحه برقم (١٨٨٤)، وهو عند البخاري من حديث أبي هريرة لا من حديث أبي سعيد الخدري برقم (٢٧٩٠).
(٣) في أ: "إنه".
(٤) رواه ابن أبي حاتم في تفسيره وابن مردويه كما في الدر المنثور (٢/ ٦٤٥).
(٥) في أ: "من".
(٦) في د، ر أ: "يرمى".
(٧) زيادة من ر.
(٨) صحيح البخاري برقم (٤٥٩٦).