للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هذا عذر من الله تعالى لهؤلاء في ترك الهجرة، وذلك أنهم لا يقدرون على التخلص من أيدي المشركين، ولو قدروا ما عرفوا يسلكون الطريق، ولهذا قال: (لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلا) قال مجاهد وعكرمة، والسدي: يعني طريقا.

وقوله تعالى: (فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ) أي: يتجاوز عنهم بترك (١) الهجرة، وعسى من الله موجبة (وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا) (٢).

قال البخاري: حدثنا أبو نُعَيْم، حدثنا شَيْبَان، عن يَحْيَى، عن أبي سَلَمَة، عن أبي هريرة قال: بينا النبي يصلي العشاء إذ قال: " سمع الله لمن حمده " ثم قال قبل أن يسجد " اللهم نَج (٣) عياش بن أبي ربيعة، اللهم نج (٤) سلمة بن هشام، اللهم نج (٥) الوليد بن الوليد، اللهم نَج (٦) المستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مُضَر، اللهم اجعلها سنين كسِنِيِّ يوسف". (٧)

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو معمر المقري (٨) حدثنا عبد الوارث، حدثنا علي بن زيد، عن سعيد بن المسَّيب، عن أبي هريرة: أن رسول الله رفع يده بعدما سلم، وهو مستقبل القبلة فقال: " اللهم خلص الوليد بن الوليد، وعياش بن أبي ربيعة، وسَلَمة بن هشام، وضعفة المسلمين الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا من أيدي الكفار" (٩).

وقال ابن جرير: حدثنا المثنى، حدثنا حجاج، حدثنا حماد، عن علي بن زيد عن عبد الله (١٠) -أو إبراهيم بن عبد الله القرشي-عن أبي هريرة؛ أن رسول الله كان يدعو في دُبُرِ صلاة الظهر: " اللهم خَلِّص الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة، وضعفة المسلمين من أيدي المشركين الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا ".

ولهذا الحديث شاهد في الصحيح من غير هذا الوجه كما تقدم (١١).

وقال عبد الرزاق: أنبأنا (١٢) ابن عيينة، عن عبيد الله بن أبي يزيد قال: سمعت ابن عباس يقول: كنت أنا وأمي من المستضعفين من النساء والولدان (١٣)

وقال البخاري: أنبأنا أبو النعمان، حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن ابن أبي مُلَيْكَة، عن ابن عباس: (إِلا الْمُسْتَضْعَفِينَ) قال: كانت أمي ممن عَذَر الله ﷿ (١٤).

وقوله: (وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً) هذا تحريض على


(١) في د، أ: "بتركهم".
(٢) في ر: "عفوا غفورا" وهو خطأ.
(٣) في ر، أ: "أنج".
(٤) في ر، أ: "أنج".
(٥) في ر، أ: "أنج".
(٦) في ر، أ: "أنج".
(٧) صحيح البخاري برقم (٤٥٩٨).
(٨) في ر: "المنقري".
(٩) وفي إسناده علي بن زيد بن عبد الله بن أبي مليكة ضعيف لا يحتج به، وقد اختلف عليه فيه، كما سيأتي في رواية الطبري.
(١٠) في ر، أ: "عبيد الله".
(١١) تفسير الطبري (٩/ ١١٠) وإسناده ضعيف.
(١٢) في أ: "أخبرنا".
(١٣) تفسير عبد الرزاق (١/ ١٦٦).
(١٤) صحيح البخاري برقم (٤٥٩٧).