للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمُقْبُرِيِّ، بِهِ مِثْلَهُ سَوَاءً (١) .

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعة، عَنْ عُبيد اللَّهِ (٢) بْنِ أَبِي جَعْفَرَ: أَنَّ ابْنَ قَارِظٍ (٣) أَخْبَرَهُ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا صَلَّت الْمَرْأَةُ خَمسها، وَصَامَتْ شَهْرَهَا وَحَفِظَتْ فَرْجَها؛ وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا: ادخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ".

تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَارِظٍ (٤) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ (٥) .

وَقَوْلُهُ تَعَالَى {وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ} أَيْ: وَالنِّسَاءُ اللَّاتِي تَتَخَوَّفُونَ (٦) أَنْ يَنْشُزْنَ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ. وَالنُّشُوزُ: هُوَ الِارْتِفَاعُ، فَالْمَرْأَةُ النَّاشِزُ هِيَ الْمُرْتَفِعَةُ عَلَى زَوْجِهَا، التَّارِكَةُ لِأَمْرِهِ، المُعْرِضَة عَنْهُ، المُبْغِضَة لَهُ. فَمَتَى ظَهَرَ لَهُ مِنْهَا أَمَارَاتُ النُّشُوزِ فليعظْها وَلْيُخَوِّفْهَا عقابَ اللَّهِ فِي عِصْيَانِهِ (٧) فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَوْجَبَ حَقَّ الزَّوْجِ عَلَيْهَا وَطَاعَتَهُ، وَحَرَّمَ عَلَيْهَا مَعْصِيَتَهُ لِمَا لَهُ عَلَيْهَا مِنَ الْفَضْلِ وَالْإِفْضَالِ. وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجد لِأَحَدٍ لأمرتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا، مِنْ عِظَم حَقِّه عَلَيْهَا" (٨) وَرَوَى الْبُخَارِيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امرَأتَهُ إِلَى فِرَاشِه فأبَتْ عَلَيْهِ، لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِح" (٩) وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَلَفْظُهُ: "إِذَا بَاتَتِ الْمَرْأَةُ هَاجرة (١٠) فِراش زَوْجِها، لَعْنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصبِح" (١١) ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ} .

وَقَوْلُهُ: {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ} قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الْهِجْرَانُ هُوَ أَنْ لَا يُجَامِعَهَا، وَيُضَاجِعَهَا عَلَى فِرَاشِهَا وَيُوَلِّيَهَا ظَهْرَهُ. وَكَذَا قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَزَادَ آخَرُونَ -مِنْهُمُ: السُّدِّيُّ، وَالضَّحَّاكُ، وَعِكْرِمَةُ، وَابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةٍ-: وَلَا يُكَلِّمُهَا مَعَ ذَلِكَ وَلَا يُحَدِّثُهَا.

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ أَيْضًا، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: يَعِظُهَا، فَإِنْ هِيَ قَبِلَتْ وَإِلَّا هَجَرَهَا فِي الْمَضْجَعِ، وَلَا يُكَلِّمْهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَذَرَ نِكَاحَهَا، وَذَلِكَ عَلَيْهَا شَدِيدٌ.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ، ومِقْسم، وَقَتَادَةُ: الْهَجْرُ: هُوَ أَنْ لَا يُضَاجِعَهَا.

وَقَدْ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي حَرَّةَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ عَمِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "فَإِن خِفْتُمْ نُشُوزَهُنَّ فَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ" قَالَ حَمَّادٌ:


(١) تفسير الطبري (٨/٢٩٥) .
(٢) في د، ر: "عبد الله".
(٣) في أ: "فارس".
(٤) في أ: "فارس".
(٥) المسند (١/١٩١) .
(٦) في أ: "تخافون".
(٧) في ر: "عصيانها".
(٨) رواه الترمذي برقم (١١٥٩) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ورواه أحمد في المسند (٦/٧٦) من حديث عائشة.
(٩) صحيح البخاري برقم (٣٢٣٧) .
(١٠) في ر: "مهاجره".
(١١) صحيح مسلم برقم (١٤٣٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>