للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لعموم الآية وخالفهم الجمهور. وأما قوله: (إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) فقد يكون هذا خُرِّج مخرج الغالب حال نزول هذه الآية، فإن في مبدأ الإسلام بعد الهجرة كان غالب أسفارهم مخوفة، بل ما كانوا ينهضون إلا إلى غزو عام، أو في سرية خاصة، وسائر الأحيان حرب الإسلام وأهله، والمنطوق إذا خرج مخرج الغالب أو على حادثة فلا مفهوم له، كقوله (١)﴾ ﴿وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا﴾ [النور: ٣٣]، وكقوله: (٢) ﴿وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ﴾ الآية [النساء: ٢٣].

وقال الإمام أحمد: حدثنا ابن إدريس، حدثنا ابن جُرَيْج، عن ابن أبي عمار، عن عبد الله بن بابَيْه، عن يعلى بن أمية قال: سألت عمر بن الخطاب قلت: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) وقد أمَّن الله الناس (٣)؟ فقال لي عمر: عجبتُ مما عجبتَ منه، فسألتُ رسول الله عن ذلك، فقال: "صدقة تصدق الله بها عليكم، فاقبلوا صدقته".

وهكذا رواه مسلم وأهل السنن، من حديث ابن جريج، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وقال علي بن المديني: هذا حديث صحيح من حديث عمر، ولا يحفظ إلا من هذا الوجه، ورجاله معروفون (٤) وقال أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا أبو نعيم، حدثنا مالك بن مِغْول، عن أبي حنظلة الحذَّاء قال: سألت ابن عمر عن صلاة السفر فقال: ركعتان. فقلت: أين قوله تعالى: (إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) ونحن آمنون؟ فقال: سنة رسول الله (٥).

وقال ابن مَرْدُويه: حدثنا عبد الله بن محمد بن عيسى، حدثنا علي بن محمد بن سعيد، حدثنا مِنْجَاب، حدثنا شُرَيْك، عن قيس بن وهب، عن أبي الودَّاك: سألت ابن عمر عن ركعتين في السفر؟ فقال: هي رخصة، نزلت من السماء، فإن شئتم فردوها.

وقال أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا ابن عَوْن، عن ابن سِيرِين، عن ابن عباس قال: صلينا مع رسول الله بين مكة والمدينة، ونحن آمنون، لا نخاف بينهما، ركعتين ركعتين.

وكذا رواه النسائي، عن محمد بن عبد الأعلى، عن خالد الحذَّاء (٦) عن عبد الله بن عون، به (٧) قال أبو عمر بن عبد البر: وهكذا رواه أيوب، وهشام، ويزيد بن إبراهيم التُّسْتَرِي، عن محمد بن سيرين، عن ابن عباس، ، عن النبي ، مثله.

قلت: وهكذا رواه الترمذي والنسائي جميعا، عن قتيبة، عن هُشَيم، عن منصور بن زَاذَان، عن


(١) في ر: "لقوله".
(٢) في ر: "لقوله".
(٣) في أ: "البأس".
(٤) المسند (١/ ٢٥) وصحيح مسلم برقم (٦٨٦) وسنن أبي داود برقم (١١٩٩) وسنن النسائي (٣/ ١١٦) وسنن ابن ماجه برقم (١٠٦٥).
(٥) المصنف (٢/ ٤٤٧) ورواه أحمد في مسنده (٢/ ٣١) عن طريق يزيد بن إسماعيل عن أبي حنظلة عن ابن عمر .
(٦) في أ: "ابن الحارث".
(٧) المصنف (٢/ ٤٤٨) وسنن النسائي (٣/ ١١٧).