للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال الحافظ أبو يعلى: حدثنا إبراهيم بن زياد سَبَلانُ، حدثنا أبو معاوية، حدثنا محمد بن إسحاق، عن حميد بن أبي حميد، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "من خرج حاجا فمات، كتب له أجر الحاج إلى يوم القيامة، ومن خرج معتمرا فمات، كتب له أجر المعتمر إلى يوم القيامة، ومن خرج غازيا في سبيل الله فمات، كتب له أجر الغازي (١) إلى يوم القيامة".

وهذا حديث غريب من هذا الوجه (٢).

﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا (١٠١)

يقول تعالى: (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأرْضِ) أي: سافرتم في البلاد، كما قال تعالى: ﴿عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ [وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ] (٣)﴾ الآية [المزمل: ٢٠].

وقوله: (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ) أي: تخَفّفوا فيها، إما من كميتها بأن تجعل (٤) الرباعية ثنائية، كما فهمه الجمهور من هذه الآية، واستدلّوا بها على قصر الصلاة في السفر، على اختلافهم في ذلك: فمن قائل لا بد أن يكون سفر طاعة، من جهاد، أو حج، أو عمرة، أو طلب علم، أو زيارة، وغير ذلك، كما هو مروي عن ابن عمر وعطاء، ويحكى عن مالك في رواية عنه نحوه، لظاهر قوله: (إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا)

ومن قائل (٥) لا يشترط سفر القربة، بل لا بد أن يكون مباحا، لقوله: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ [فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ] (٦) [المائدة: ٣] أباح له تناول الميتة مع اضطراره إلا بشرط ألا يكون عاصيا بسفره. وهذا قول الشافعي وأحمد وغيرهما من الأئمة.

وقد قال أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا وَكِيع، حدثنا الأعمش، عن إبراهيم قال: جاء رجل فقال: يا رسول الله، إني رجل تاجر، أختلف إلى البحرين "فأمره أن يصلي ركعتين" وهذا مرسل (٧).

ومن قائل: يكفي مطلق السفر، سواء كان مباحا أو محظورا، حتى لو خرج لقطع الطريق وإخافة السبيل، تَرَخَّص، لوجود مطلق السفر. وهذا قول أبي حنيفة، ، والثوري وداود،


(١) في ر: "المغازي".
(٢) مسند أبي يعلى (١/ ٢٣٨) وفي إسناده جميل بن أبي ميمونة لم يوثقه سوى ابن حبان، وابن إسحاق مدلس وقد عنعن.
(٣) زيادة من ر، أ.
(٤) في ر: "ترجع".
(٥) في ر: "ومن قال".
(٦) زيادة من ر، أ.
(٧) المصنف (٢/ ٤٤٨).