للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الموت ناء بصدره إلى الأرض (١) التي هاجر إليها.

وقال الإمام أحمد: حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم، عن محمد بن عبد الله بن عَتِيك، عن أبيه عبد الله بن عَتِيك قال: سمعت رسول الله يقول: " من خرج من بيته مهاجرا (٢) في سبيل الله-ثم قال بأصابعه هؤلاء الثلاث: الوسطى والسبابة والإبهام، فجمعهن وقال: وأين المجاهدون-؟ فخرَّ عن دابته فمات فقد وقع أجره على الله، أو لدغته دابة فمات، فقد وقع أجره على الله أو مات حَتْف أنفه، فقد وقع أجره على الله -والله! إنها لكلمة ما سمعتها من أحد من العرب قبل رسول الله -ومن قتل قَعْصًا (٣) فقد استوجب المآب (٤).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زُرْعَة، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الملك بن شيبة الحزامي (٥) حدثني عبد الرحمن بن المغيرة الحزامي (٦) عن المنذر بن عبد الله، عن هشام بن عُرْوَة، عن أبيه؛ أن الزبير بن العوام قال: هاجر خالد بن حِزَام (٧) إلى أرض الحبشة، فنهشته حية في الطريق فمات، فنزلت فيه: (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) قال الزبير: فكنت أتوقعه وأنتظر قدومه وأنا بأرض الحبشة، فما أحزنني شيء حزن وفاته حين بلغني؛ لأنه قَلّ أحد ممن هاجر من قريش إلا معه بعض أهله، أو ذوي رحمه، ولم يكن معي أحد من بني أسد بن عبد العزى، ولا أرجو غيره.

وهذا الأثر غريب جدا (٨) فإن هذه القصة مكية، ونزول هذه الآية مدنية، فلعله أراد أنها أنزلت تعم حكمه مع غيره، وإن لم يكن ذلك سبب النزول، والله أعلم.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا سليمان بن داود مولى عبد الله بن جعفر، حدثنا سهل بن عثمان، حدثنا عبد الرحمن (٩) بن سليمان، عن الأشعث (١٠) -هو ابن سَوَّار-عن عكرمة، عن ابن عباس قال: خرج ضَمْرَةُ بن جُنْدُب إلى رسول الله ، فمات في الطريق قبل أن يصل إلى رسول الله فنزلت: (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ [ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا]) (١١) (١٢).

وحدثنا أبي، حدثنا عبد الله بن رَجَاء، أنبأنا إسرائيل، عن سالم، عن سعيد بن جبير عن أبي ضمرة بن العيص الزُّرَقِي، الذي كان مصاب البصر، وكان بمكة فلما نزلت: (إِلا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً) فقلت: إني لغني، وإني لذو حيلة، [قال] (١٣) فتجهز يريد النبي فأدركه الموت بالتَّنْعِيم، فنزلت هذه الآية: (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ [فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا]) (١٤)


(١) في د: "البلد".
(٢) في أ: "مجاهدا".
(٣) في د: "نفسا"، وفي ر: "بعضا"، وفي أ: "بعض".
(٤) المسند (٤/ ٣٦)، وقال الهيثمي في المجمع (٥/ ٢٦٠: "فيه محمد بن إسحاق وهو مدلس، وبقية رجاله ثقات".
(٥) في أ: "الخزامي".
(٦) في أ: "الخزامي".
(٧) في أ: "ابن حرام".
(٨) ووجه غرابته أيضا كما قال ابن حجر: أن الذي نزلت فيه هذه الآية جندب بن ضمرة، وسيأتي حديثه عقب هذا.
(٩) في ر: "عبد الرحيم".
(١٠) في ر: "أشعث".
(١١) زيادة من ر، أ، وفي هـ: "الآية".
(١٢) ورواه أبو يعلى في مسنده (٥/ ٨١) والطبراني في المعجم الكبير (١١/ ٢٧٢) من طريق أشعث بن سوار به. قال الهيثمي بعد أن عزاه لأبي يعلى وحده: "رجاله ثقات، لكن في إسناده أشعث بن سوار وهو ضعيف".
(١٣) زيادة من ر.
(١٤) تفسير ابن أبي حاتم (ق ١٧٦) وقد روي هذا الأثر من طرق أخرى مرسلة، فرواه سعيد بن منصور في سننه برقم (٦٨٥) قال: أخبرنا هشيم عن أبي بشر عن سعيد بن جبير به مرسلا، ورواه الطبري في تفسيره (٩/ ١١٨) من طريق قيس بن الربيع عن سالم عن سعيد بن جبير به مرسلا.