للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴾. [الحديد: ١٣ - ١٥] وقد ورد في الحديث: "من سَمَّع سَمَّع الله به، ومن راءى راءى الله به" (١) وفي حديث آخر: "إن الله يأمر بالعبد إلى الجنة فيما يبدو للناس، ويعدل به إلى النار" عياذًا بالله من ذلك.

وقوله: (وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى [يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إَلا قَلِيلا] (٢)) هذه صفة المنافقين في أشرف الأعمال وأفضلها وخيرها، وهي الصلاة. إذا قاموا إليها قاموا وهم كسالى عنها؛ لأنهم لا نية لهم فيها، ولا إيمانَ لهم بها ولا خشية، ولا يعقلون معناها كما روى (٣) ابن مردويه، من طريق عُبَيد الله بن زَحْر، عن خالد بن أبي عِمْران، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس قال: يكرَه أن يقوم الرجلُ إلى الصلاة وهو كسلان، ولكن يقوم إليها طلق الوجه، عظيم الرغبة، شديد الفرح، فإنه يناجي الله [تعالى] (٤) وإن الله أمامه يغفر له ويجيبه إذا دعاه، ثم يتلو ابن عباس هذه الآية: (وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى)

وروي من غير هذا الوجه، عن ابن عباس، نحوه.

فقوله تعالى: (وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى) هذه صفة ظواهرهم، كما قال: ﴿وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلا وَهُمْ كُسَالَى﴾ [التوبة: ٥٤] ثم ذكر تعالى صفة بواطنهم الفاسدة، فقال: (يُرَاءُونَ النَّاسَ) أي: لا إخلاص لهم [ولا معاملة مع الله بل إنما يشهدون الصلاة تقية من الناس ومصانعة لهم] (٥)؛ ولهذا يتخلفون كثيرا عن الصلاة التي لا يُرَون غالبًا فيها كصلاة العشاء وقت العَتَمَة، وصلاة الصبح في وقت الغَلَس، كما ثبت في الصحيحين أن رسول الله قال: "أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حَبْوًا، ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال، معهم حُزَم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة، فأحرّق عليهم بيوتهم بالنار (٦) " (٧).

وفي رواية: "والذي نفسي بيده، لو علم أحدهم (٨) أنه يجد عَرْقًا سمينًا أو مَرْمَاتين حسنتين، لشهد الصلاة، ولولا ما في البيوت من النساء والذرية لحرقت عليهم بيوتهم بالنار" (٩).

وقال الحافظ أبو يعلى: حدثنا محمد -هو بن أبي بكر المقدمي (١٠) -حدثنا محمد بن دينار، عن إبراهيم الهَجَري، عن أبي الأحوص، عن عبد الله قال: قال رسول الله : "من أحْسَنَ الصلاة حيث يراه الناس، وأساءها حيث يخلو، فتلك استهانة، استهان بها ربه ﷿" (١١)


(١) صحيح البخاري برقم (٦٤٩٩) وصحيح مسلم برقم (٢٧٨٧).
(٢) زيادة من ر، أ، وفي هـ: "الآية".
(٣) في أ: "رواه".
(٤) زيادة من أ.
(٥) زيادة من ر، أ.
(٦) في ر: "في النار".
(٧) صحيح البخاري برقم (٦٥٧) وصحيح مسلم برقم (٦٥١).
(٨) في أ: "لو يعلم أحدكم".
(٩) رواه البخاري في صحيحه برقم (٦٤٤).
(١٠) في أ: "محمد بن أبي بكر المقدسي".
(١١) مسند أبو يعلى (٩/ ٥٤) ورواه البيهقي في السنن الكبرى (٢/ ٢٩٠) من طريق زائدة عن إبراهيم الهجري به. قال الهيثمي في المجمع (١٠/ ٢٢١): "فيه إبراهيم بن مسلم الهجري وهو ضعيف".