للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا (١٦٣) وَرُسُلا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (١٦٤) رُسُلا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (١٦٥)

قال محمد بن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد، عن عكرمة أو سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال سُكَين وعَديّ بن زيد: يا محمد، ما نعلم أن الله أنزل (١) على بشر من شيء بعد موسى. فأنزل الله في ذلك من قولهما: (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ) إلى آخر الآيات.

وقال ابن جرير: حدثنا الحارث، حدثنا عبد العزيز، حدثنا أبو مَعْشر، عن محمد بن كعب القرظي قال: أنزل الله: ﴿يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ﴾ إلى قوله ﴿وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا﴾ فلما تلاها عليهم -يعني على اليهود-وأخبرهم بأعمالهم الخبيثة، جحدوا كل ما أنزل الله وقالوا: ما أنزل الله على بشر من شيء، ولا موسى ولا عيسى، ولا على نبي من شيء. قال: فحَلّ حُبْوته، وقال: ولا على أحد .. فأنزل الله ﷿: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ٩١].

وفي هذا الذي قاله محمد بن كعب القرظي نظر؛ فإن هذه الآية مكية في سورة الأنعام، وهذه الآية التي في سورة النساء مدنية، وهي رد عليهم لما سألوا النبي أن ينزل عليهم كتابًا من السماء، قال الله تعالى ﴿فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ﴾ [النساء: ١٥٣]، ثم ذكر فضائحهم ومعايبهم وما كانوا عليه، وما هم عليه الآن من الكذب والافتراء. ثم ذكر تعالى أنه أوحى إلى عبده ورسوله محمد كما أوحى إلى غيره من الأنبياء المتقدمين، فقال: (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا)

والزبور: اسم الكتاب الذي أوحاه الله إلى داود، ، وسنذكر ترجمة كل واحد من هؤلاء الأنبياء، عليهم من الله [أفضل] (٢) الصلاة والسلام، عند قصصهم في السور الآتية، إن شاء الله، وبه الثقة، وعليه التكلان.

وقوله (وَرُسُلا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ) أي: من قبل هذه الآية، يعني: في السور المكية وغيرها.

وهذه تسمية الأنبياء الذين نُصَّ (٣) على أسمائهم في القرآن، وهم: آدم وإدريس، ونوح، وهود، وصالح، وإبراهيم، ولوط، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، ويوسف، وأيوب، وشعيب، وموسى، وهارون، ويونس، وداود، وسليمان، وإلياس، والْيَسَع، وزكريا، ويحيى، وعيسى [عليهم الصلاة والسلام] (٤) وكذا ذو الكفل عند كثير من المفسرين، وسيدهم محمد صلى الله وعليه وسلم.

وقوله: (وَرُسُلا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ) أي: خلقا آخرين لم يذكروا في القرآن، وقد (٥) اختلف في


(١) في ر: "ما نعلم أنزل الله".
(٢) زيادة من أ.
(٣) في د: "نص الله".
(٤) زيادة من أ.
(٥) في د: "ولذا".