للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والد، ويدل على ذلك قوله: (وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ) كان معها أب لم ترث شيئًا؛ لأنه يحجبها بالإجماع، فدل على أنه من لا ولد له بنص القرآن، ولا والد بالنص عند التأمل أيضًا؛ لأن الأخت لا يفرض لها النصف مع الوالد، بل ليس لها ميراث بالكلية.

وقال الإمام أحمد: حدثنا الحكم بن نافع، حدثنا أبو بكر بن عبد الله، عن مَكْحُول وعطية وحمزة وراشد، عن زيد بن ثابت: أنه سئلَ عن زوج وأخت لأب وأم، فأعطى الزوجَ النصفَ والأخت النصفَ. فكُلِّم في ذلك، فقال: حضرتُ رسولَ الله قضى بذلك.

تفرد به أحمد من هذا الوجه (١)، وقد نقل ابن جرير (٢) وغيره عن ابن عباس وابن الزبير أنهما كانا يقولان في الميت ترك بنتًا وأختًا: إنه لا شيء للأخت لقوله: (إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ) فإذا ترك بنتًا فقد ترك ولدًا (٣)، فلا شيء للأخت، وخالفهما الجمهور، فقالوا في هذه المسألة: للبنت النصف بالفرض، وللأخت النصف الآخر بالتعصيب، بدليل غير هذه الآية وهذه نَصب (٤) أن يفرض لها في هذه الصورة، وأما وراثتها بالتعصيب؛ فلما رواه البخاري من طريق سليمان، عن إبراهيم، عن الأسود، قال: قضى فينا معاذ بن جبل على عهد رسول الله : النصف للابنة، والنصف للأخت. ثم قال سليمان: قضى فينا ولم يذكر: على عهد رسول الله (٥) (٦). وفي صحيح البخاري أيضًا عن هُزيل بن شرحبيل قال: سئل أبو موسى الأشعري عن ابنة وابنة ابن وأخت، فقال: للابنة (٧) النصف، وللأخت النصف، وأت ابن مسعود فسيتابعني. فسئل ابنُ مسعود -وأخبر بقول أبي موسى-فقال: لقد ضَلَلْتُ إذًا وما أنا من المهتدين، أقضي فيها بما قضى النبي للابنة النصف، ولابنة الابن السدس، تكملة الثلثين، وما بقي فللأخت، فأتينا أبا موسى فأخبرناه بقول ابن مسعود، فقال: لا تسألوني ما دام هذا الحبر فيكم (٨).

وقوله: (وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ) أي: والأخ يرث جميع ما لها إذا ماتت كلالة، وليس لها ولد، أي: ولا والد؛ لأنه لو كان لها والد لم يرث الأخ شيئًا، فإن فرض أن معه من له فرض، صرف إليه فرضه؛ كزوج، أو أخ من أم، وصرف الباقي إلى الأخ؛ لما ثبت في الصحيحين، عن ابن عباس أن رسول الله قال: "أَلْحِقُوا الفرائض بأهلها، فما أبقت الفرائض فَلأوْلَى رجلٍ ذَكَر" (٩).

وقوله: (فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ) أي: فإن كان لمن يموت كلالة، أختان، فرض لهما الثلثان، وكذا ما زاد على الأختين في حكمهما، ومن هاهنا أخذ الجماعة حكم البنتين كما استفيد حكم الأخوات من البنات، في قوله: (فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ)

وقوله: (وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأنْثَيَيْنِ) هذا حكم العصبات من البنين وبني البنين والإخوة إذا اجتمع ذكورهم وإناثهم، أعطي الذكر مثل حظ الأنثيين.


(١) المسند (٥/ ١٨٨).
(٢) تفسير الطبري (٩/ ٤٤٣).
(٣) في ر: "ولد".
(٤) في أ: "تعصيب".
(٥) في ر: "النبي".
(٦) صحيح البخاري برقم (٦٧٣٤).
(٧) في ر، أ: "للبنت".
(٨) صحيح البخاري برقم (٦٧٣٦).
(٩) صحيح البخاري برقم (٦٧٣٥) وصحيح مسلم برقم (١٦١٥).