للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

طريق أخرى: قال [الإمام] (١) أحمد: حدثنا أبو نُعَيم، حدثنا مالك -يعني ابن مِغْل-سمعت الفضل بن عمرو، عن إبراهيم، عن عمر قال: سألت رسول الله عن الكلالة، فقال: " يكفيك آية الصيف ". فقال: لأن أكون سألت النبي عنها أحبَّ إليّ من أن يكونَ لي حُمْر النَّعم. وهذا إسناد جيد إلا أن فيه انقطاعًا بين إبراهيم وبين عُمَر، فإنه لم يدركه (٢).

وقال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا أبو بكر، عن أبي إسحاق، عن البَراءِ بن عازبٍ قال: جاء رجل إلى رسول الله فسأله عن الكلالة، فقال: " يكفيك آية الصيف ". وهذا إسناد جيد، رواه أبو داود والترمذي من حديث أبي بكر بن عيَّاش، به (٣). وكأن المراد بآية الصيف: أنها نزلت في فصل الصيف، والله أعلم.

ولما أرشده النبي إلى تفهمها -فإن فيها كفاية-نسي أن يسأل النبي عن معناها؛ ولهذا قال: فلأن أكون سألت رسول الله عنها أحب إليّ من أن يكون لي حُمْر النَّعَم.

وقال ابن جرير: حدثنا ابن وكيع، حدثنا جرير عن (٤) الشيباني، عن عمرو بن مُرة، عن سعيد بن المسيَّب قال: سأل عمر بن الخطاب النبي عن الكلالة، فقال: " أليس قد بين الله ذلك؟ " فنزلت: (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الكَلالَةِ]) (٥) الآية. وقال قتادة: ذُكر (٦) لنا أن أبا بكر الصديق [] (٧) قال في خطبته: ألا إن الآية التي أنزلت (٨) في أول "سورة النساء" في شأن الفرائض، أنزلها الله في الولد والوالد. والآية الثانية أنزلها في الزوج والزوجة والإخوة من الأم. والآية التي ختم بها "سورة النساء" أنزلها في الإخوة والأخوات من الأب والأم، والآية التي ختم بها "سورة الأنفال" أنزلها في أولي الأرحام، بعضهم أولى ببعض في كتاب الله، مما جَرّت الرحم من العَصَبة. رواه ابن جرير (٩).

ذكر الكلام على معناها وبالله المستعان، وعليه التكلان:

قوله تعالى: (إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ) أي: مات، قال الله تعالى: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ﴾ [القصص: ٨٨] كل شيء يفنى ولا يبقى إلا (١٠) الله، ﷿، كما قال: ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ﴾ [الرحمن: ٢٦، ٢٧].

وقوله: (لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ) تمسك به من ذهب إلى أنه ليس من شرط الكلالة انتفاء الوالد (١١)، بل يكفي في وجود الكلالة انتفاء الولد، وهو رواية عن عمر بن الخطاب، رواها ابن جرير عنه بإسناد صحيح إليه. ولكن الذي رجع (١٢) إليه هو قول الجمهور وقضاء الصديق: أنه مَنْ لا ولد له ولا


(١) زيادة من أ.
(٢) المسند (١/ ٣٨).
(٣) المسند (٤/ ٢٩٣) وسنن أبي داود برقم (٢٨٨٩) وسنن الترمذي برقم (٣٠٤٢).
(٤) في أ: "حدثنا".
(٥) زيادة من أ.
(٦) في د: "وذكر".
(٧) زيادة من أ.
(٨) في د: "نزلت".
(٩) تفسير الطبري (٩/ ٤٣١).
(١٠) في ر: "إلا وجه الله".
(١١) في أ: "الولد".
(١٢) في د: "يرجع".