للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

رِجَالا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١٧٦)﴾.

قال البخاري: حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق قال: سمعت البراء قال: آخر سورة نزلت: "براءة"، وآخر آية نزلت: (يَسْتَفْتُونَكَ) (١).

وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن محمد بن المنكدر قال: سمعت جابر بن عبد الله قال: دخل عَلَيّ رسول الله ، وأنا مريض لا أَعْقِل، قال: فتوضأ، ثم صَبَّ عَلَيّ -أو قال صبوا عليه -فَعَقَلْتُ فَقُلت: إنه لا يرثني إلا كلالة، فكيف الميراث؟ قال: فنزلت آية الفرائض.

أخرجاه في الصحيحين من حديث شعبة (٢)، ورواه الجماعة من طريق سفيان بن عُيَيْنة، عن محمد بن المُنْكَدر، عن جابر، به (٣). وفي بعض الألفاظ: فنزلت آية الميراث: (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ) الآية.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد، حدثنا سفيان وقال ابن الزبير قال -يعني جابرا -: نزلت في: (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ).

وكأن معنى الكلام -والله أعلم- (يَسْتَفْتُونَكَ): عن الكلالة قل: الله يفتيكم فيها، فدل المذكور على المتروك.

وقد تقدم الكلام على الكلالة واشتقاقها، وأنها مأخوذة من الإكليل الذي يحيط بالرأس من جوانبه؛ ولهذا فسرها أكثر العلماء: بمن يموت وليس له ولد ولا والد، ومن الناس من يقول: الكلالة من لا ولد له، كما دلت عليه هذه الآية: (إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ) [أي مات] (٤) (لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ).

وقد أُشْكِل حُكْم الكلالة على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، ، كما ثبت عنه في الصحيحين أنه قال: ثلاث وَدِدْتُ أن رسول الله كان عهد إلينا فيهن عهدا ننتهي إليه: الجد، والكلالة، وأبواب من أبواب الربا.

وقال الإمام أحمد: حدثنا إسماعيل، عن سعيد بن أبي عَرُوبة، عن قَتَادة، عن سالم بن أبي الجَعْد، عن مَعْدان بن أبي طلحة قال: قال عمر بن الخطاب: ما سألتُ رسول الله عن شيء أكثر مما سألته عن الكلالة، حتى طعن بأُصْبُعِه في صدري وقال: " يكفيك آية الصيف التي في آخر سورة النساء".

هكذا رواه مختصرًا وقد أخرجه مسلم مطولا أكثر من هذا (٥).


(١) صحيح البخاري برقم (٢٦٠٥).
(٢) المسند (٣/ ٢٩٨) وصحيح البخاري برقم (٦٧٤٣) وصحيح مسلم برقم (١٦١٦).
(٣) صحيح البخاري برقم (٦٧٢٣) وصحيح مسلم برقم (١٦١٦) وسنن أبي داود برقم (٢٨٨٦) وسنن الترمذي برقم (٢٠٩٧) وسنن النسائي الكبرى برقم (١١١٣٤) وسنن ابن ماجة برقم (١٤٣٦).
(٤) زيادة من أ.
(٥) المسند (١/ ٢٦) وصحيح مسلم برقم (١٦١٧).