للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أجورهم: أدخلهم الجنة". (وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) قال: "الشفاعة فيمن وجبت له النار ممن صنع إليهم المعروف في دنياهم". (١)

وهذا إسناد لا يثبت، وإذا روي عن ابن مسعود موقوفًا فهو جيد (٢).

(وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا) أي: امتنعوا من طاعة الله وعبادته واستكبروا عن ذلك (فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا) كما قال تعالى ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر: ٦٠] أي: صاغرين حقيرين ذليلين، كما كانوا ممتنعين مستكبرين.

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا (١٧٤) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (١٧٥)

يقول تعالى مخاطبًا جميع الناس ومخبرا (٣) بأنه قد جاءهم منه برهان عظيم، وهو الدليل القاطع للعُذْر، والحجة المزيلة للشبهة؛ ولهذا قال: (وَأَنزلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا) أي: ضياء واضحا على الحق، قال ابن جُرَيج (٤) وغيره: وهو القرآن.

(فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ) أي: جمعوا بين مقامي العبادة والتوكل على الله في جميع أمورهم. وقال ابن جريج: آمنوا بالله واعتصموا بالقرآن. رواه ابن جرير.

(فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ) أي: يرحمهم فيدخلهم الجنة ويزيدهم ثوابا ومضاعفة ورفعا في درجاتهم، من فضله عليهم وإحسانه إليهم، (وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا) أي: طريقا واضحا قَصْدا قَوَاما لا اعوجاج فيه ولا انحراف. وهذه صفة المؤمنين في الدنيا والآخرة، فهم في الدنيا على منهاج الاستقامة وطريق السلامة في جميع الاعتقادات والعمليات، وفي الآخرة على صراط الله المستقيم المفضي إلى روضات الجنات. وفي حديث الحارث الأعور عن علي بن أبي طالب ، عن النبي أنه قال: " القرآن صراطُ اللهِ المستقيمُ وحبلُ الله المتين ". وقد تقدم الحديث بتمامه في أول التفسير ولله الحمد والمنة.

﴿يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً


(١) في أ: "في الدنيا".
(٢) ورواه الطبراني في المعجم الكبير (١٠/ ٢٤٨) من طريق بقية عن إسماعيل الكندي به. وقال الهيثمي في المجمع (٧/ ١٣): "فيه إسماعيل بن عبد الله الكندي ضعفه الذهبي من عند نفسه، فقال: أتى بخبر منكر وبقية رجاله وثقوا". ورواه أبو نعيم في الحلية (٤/ ١٠٨) من طريق ابن حمير عن الثوري عن شقيق عن عبد الله بن مسعود بنحوه، وقال: "غريب من حديث الأعمش، عزيز عجيب من حديث الثوري، تفرد به إسماعيل بن عبيد الله الكندي عن الأعمش، وعن إسماعيل بقية بن الوليد، وحديث الثوري لم نكتبه إلا عن هذا الشيخ".
(٣) في ر، أ: "ومخبرا لهم".
(٤) في أ: "جرير".