للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: (وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ) أي: ما ذبح فذكر عليه اسم غير الله، فهو حرام؛ لأن الله أوجب أن تذبح (١) مخلوقاته على اسمه العظيم، فمتى عُدِل بها عن ذلك وذكر عليها اسم غيره من صنم أو طاغوت أو وثن أو غير ذلك، من سائر المخلوقات، فإنها حرام بالإجماع. وإنما اختلف العلماء في المتروك التسمية عليه، إما عمدًا أو نسيانا، كما سيأتي تقريره في سورة الأنعام.

وقد قال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسن الهِسِنْجَاني، حدثنا نعيم بن حماد، حدثنا ابن فضيل، عن الوليد بن جُمَيْع، عن أبي الطُّفَيْل قال: نزل آدم بتحريم أربع: الميتة، والدم، ولحم الخنزير، وما أهل لغير الله به، وإن هذه الأربعة الأشياء (٢) لم تحل قط، ولم تزل حراما منذ خلق الله السموات والأرض، فلما كانت بنو إسرائيل حرم الله عليهم طيبات أحلت لهم بذنوبهم، فلما بعث الله عيسى ابن مريم، ، نزل بالأمر الأول الذي جاء به آدم [] (٣) وأحل لهم ما سوى ذلك فكذبوه وعصوه. وهذا أثر غريب.

وقال ابن أبي حاتم أيضا: حدثنا أبي، حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا ربعي بن عبد الله قال: سمعت الجارود بن أبي سَبْرَة -قال: هو جدي-قال: كان رجل من بني رَيَاح (٤) يقال له: ابن وَثَيِل، وكان شاعرا، نافر-غالبا-أبا الفرزدق بماء بظهر الكوفة، على أن يعقر هذا مائة من إبله، وهذا مائة من إبله، إذا وردت الماء، فلما وردت الماء قاما إليها بالسيوف، فجعلا يَكْسفان عَرَاقيبها. قال: فخرج الناس على الحمرات والبغال يريدون اللحم -قال: وعَليٌّ بالكوفة-قال: فخرج عليّ على بغلة رسول الله البيضاء وهو ينادي: يا أيها الناس، لا تأكلوا من لحومها فإنما (٥) أهل بها لغير الله.

هذا أثر غريب، ويشهد له بالصحة ما رواه أبو داود: حدثنا هارون بن عبد الله، حدثنا (٦) حماد بن مَسْعَدة، عن عوف، عن أبي رَيْحانة، عن ابن عباس قال: نهى النبي عن مُعاقرة الأعراب.

ثم قال أبو داود: محمد بن جعفر -هو غُنْدَر-أوقفه على ابن عباس. تفرد به أبو داود (٧)

وقال أبو داود أيضا: حدثنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء، حدثنا أبي، حدثنا جرير بن حازم، عن الزبير بن خريت قال: سمعت عِكْرِمة يقول: (٨) إن رسول الله نهى عن طعام المتباريين (٩) أن يؤكل.

ثم قال أبو داود: أكثر من رواه عن جرير لا يذكر فيه ابن عباس. تفرد به أيضا. (١٠)

وقوله: (وَالْمُنْخَنِقَةُ) وهي التي تموت بالخنق إما قصدًا أو اتفاقا، بأن تَتَخبل في وثاقتها (١١) فتموت به، فهي حرام.


(١) في ر: "يذبح".
(٢) في ر: "أشياء".
(٣) زيادة من أ.
(٤) في ر: "رباح".
(٥) في د، ر: "فإنها".
(٦) في ر: "بن".
(٧) سنن أبي داود برقم (٢٨٢٠).
(٨) في أ: "يقول: كان ابن عباس يقول".
(٩) في د: "المتبارزين".
(١٠) سنن أبي داود برقم (٣٧٥٤)
(١١) في ر: "وثاقها".