للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وكذا قال القاسم بن مُخَيْمِرةَ، وحبيب بن أبي ثابت، وعطاء بن دينار: إنها نزلت في أبي طالب. وقال سعيد بن أبي هلال: نزلت في عمومة النبي، ، وكانوا عشرة، فكانوا أشد الناس معه في العلانية وأشد الناس عليه في السر. رواه ابن أبي حاتم.

وقال محمد بن كعب القرظي: (وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ) أي: ينهون الناس عن قتله.

[و] (١) قوله: (وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ) أي: يتباعدون منه (٢) (وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ) أي: وما يهلكون بهذا الصنيع، ولا يعود وباله إلا عليهم، وما يشعرون.

﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢٧)

يذكر تعالى حال الكفار إذا وقفوا يوم القيامة على النار، وشاهدوا ما فيها من السلاسل والأغلال، ورأوا بأعينهم تلك الأمور العظام والأهوال، فعند ذلك قالوا (يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) يتمنون أن يردوا إلى الدار الدنيا، ليعملوا عملا صالحا، ولا يكذبوا بآيات ربهم ويكونوا من المؤمنين.

﴿بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (٢٨) وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (٢٩) وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (٣٠)

قال تعالى: (بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ) أي: بل ظهر لهم حينئذ ما كانوا يخفون في أنفسهم من الكفر والتكذيب والمعاندة، وإن أنكروها، في الدنيا أو في الآخرة، كما قال قبل هذا بيسير ﴿ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ * انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ﴾

ويحتمل أنهم ظهر لهم ما كانوا يعلمونه من أنفسهم من صدق ما جاءت (٣) به الرسل في الدنيا، وإن كانوا يظهرون لأتباعهم خلافه، كما قال تعالى مخبرًا عن موسى أنه قال لفرعون: ﴿لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلاءِ إِلا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَائِرَ﴾ الآية [الإسراء: ١٠٢]. قال تعالى مخبرًا عن فرعون وقومه: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا﴾ [النمل: ١٤].

ويحتمل أن يكون المراد بهؤلاء المنافقين الذين كانوا يظهرون للناس الإيمان ويبطنون الكفر، ويكون هذا إخبارا عما يكون يوم القيامة من كلام طائفة من الكفار، ولا ينافي هذا كون هذه [السورة] (٤) مكية، والنفاق إنما كان من بعض أهل المدينة ومن حولها من الأعراب، فقد ذكر الله وقوع النفاق في سورة مكية وهي العنكبوت، فقال: ﴿وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ﴾ [العنكبوت: ١١]؛ وعلى هذا فيكون إخبارًا عن حال المنافقين في الدار الآخرة، حين يعاينون العذاب يظهر (٥) لهم حينئذ


(١) زيادة من أ.
(٢) في م: "عنه".
(٣) في أ: "ما جاءهم"
(٤) زيادة من م، أ.
(٥) في أ: "فظهر"