للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

غب ما كانوا يبطنون من الكفر والشقاق والنفاق، والله أعلم.

وأما معنى الإضراب في قوله: (بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ) فَهُم ما طلبوا العود إلى الدنيا رغبة ومحبة (١) في الإيمان، بل خوفا من العذاب الذي عاينوه جزاء على ما كانوا عليه من الكفر، فسألوا الرجعة إلى الدنيا ليتخلصوا مما شاهدوا (٢) من النار؛ ولهذا قال: (وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ) أي: في تمنيهم الرجعة رغبة ومحبة في الإيمان.

ثم قال مخبرًا عنهم: إنهم لو ردّوا إلى الدار الدنيا، لعادوا لما نهوا عنه [من الكفر والمخالفة] (٣) (وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ) أي: في قولهم: ﴿يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ) أي: لعادوا لما نهوا عنه، إنهم لكاذبون ولقالوا: (إِنْ هِيَ إِلا حَيَاتُنَا) أي: ما هي إلا هذه الحياة الدنيا، ثم لا معاد بعدها؛ ولهذا قال: (وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ)

ثم قال (وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ) أي: أوقفوا بين يديه قال: (أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ) أي: أليس هذا المعاد بحق وليس بباطل كما كنتم تظنون؟ (قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) أي: بما (٤) كنتم تكذبون به، فذوقوا اليوم مَسّه (٥) ﴿أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ﴾ [الطور: ١٥]

﴿قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ (٣١) وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٣٢)

يقول تعالى مخبرًا عن خَسَارة من كذب بلقاء الله وعن خيبته إذا جاءته الساعة بغتة، وعن ندامته على ما فرط من العمل، وما أسلف من قبيح الفعال (٦) ولهذا قال: (حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا)

وهذا الضمير يحتمل عَوْدُه على الحياة [الدنيا] (٧) وعلى الأعمال، وعلى الدار الآخرة، أي: في أمرها.

وقوله (وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ) أي: يحملون. وقال قتادة: يعملون.

[و] (٨) قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا أبو خالد، عن عمرو بن قيس، عن أبي مرزوق قال: ويُستقبل الكافر -أو: الفاجر - (٩) -عند خروجه من قبره كأقبح صورة رآها وأنتن (١٠) ريحًا، فيقول: من أنت؟ فيقول: أو ما تعرفني؟ فيقول: لا والله إلا أن الله [قد] (١١) قَبَّحَ


(١) زياد من أ.
(٢) في أ: "شاهدوه".
(٣) زيادة من م، أ.
(٤) في د، م: "كما".
(٥) في أ: "منه".
(٦) في أ: "الفعل".
(٧) زيادة من م.
(٨) زيادة من أ.
(٩) في أ: "والفاجر".
(١٠) في أ: رأينها وأنتنه".
(١١) زيادة من م، أ.