للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كما قال: ﴿وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ﴾ (١) [الزمر: ٣٧]، وقال: ﴿إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ﴾ [النحل: ٣٧]، وقوله (وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) أي: نخلص له العباد (٢) وحده لا شريك له.

(وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ) أي: وأمرنا بإقامة الصلاة وبتقواه في جميع الأحوال، (وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) أي: يوم القيامة.

(وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ بِالْحَقِّ) أي: بالعدل، فهو خالقهما ومالكهما، والمدبر لهما ولمن فيهما.

وقوله: (وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ) يعني: يوم القيامة، الذي يقول الله: (كُنْ) فيكون عن أمره كلمح البصر، أو هو أقرب.

(وَيَوْمَ) منصوب إما على العطف على قوله: (وَاتَّقُوهُ) وتقديره: واتقوا يوم يقول كن فيكون، وإما على قوله: (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ) أي: وخلق يوم يقول كن فيكون. فذكر بدء الخلق وإعادته، وهذا مناسب. وإما على إضمار فعل تقديره: واذكر يوم يقول كن فيكون.

وقوله: (قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ) جملتان محلهما الجر، على أنهما صفتان لرب العالمين.

وقوله: (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) يحتمل أن يكون بدلا من قوله: (وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ) (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) ويحتمل أن يكون ظرفًا لقوله: (وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) كقوله ﴿لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ [غافر: ١٦]، وكقوله ﴿الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا﴾ [الفرقان: ٢٦]، وما أشبه ذلك.

واختلف المفسرون في قوله: (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) فقال بعضهم: المراد بالصور هاهنا جمع "صورة" أي: يوم ينفخ فيها فتحيا.

قال ابن جرير: كما يقال (٣) سور -لسور البلد (٤) هو جمع سورة. والصحيح أن المراد بالصور: "القَرْن" الذي ينفخ فيه إسرافيل، ، قال ابن جرير: والصواب عندنا ما (٥) تظاهرت به الأخبار عن رسول الله أنه قال: "إن إسرافيل قد التقم الصور وحنى جبهته، ينتظر متى يُؤمَر فينفخ". (٦)

وقال الإمام أحمد: حدثنا إسماعيل، حدثنا سليمان التيمي، عن أسلم العِجْلي، عن بِشْر بن شَغَاف، عن عبد الله بن عمرو قال: قال أعرابي: يا رسول الله، ما الصور؟ قال: "قرن ينفخ


(١) في أ: "من يهده الله فلا مضل له".
(٢) في م، أ: "العبادة".
(٣) في أ: "كما تقول".
(٤) في أ: "المدينة".
(٥) في م، أ: "والصواب من القول في ذلك ما".
(٦) تفسير الطبري (١١/ ٤٦٣).