للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

نصيبا، كذلك زينوا لهم قتل أولادهم خشية الإملاق، ووأد البنات خشية العار.

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم: زينوا لهم قتل أولادهم.

وقال مجاهد: (شُرَكَاؤُهُمْ) شياطينهم، يأمرونهم أن يئدوُا أولادهم خشية العَيْلة. وقال السدي: أمرتهم الشياطين أن يقتلوا البنات. وإما (لِيُرْدُوهُمْ) فيهلكوهم، وإما (لِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ) أي: فيخلطون عليهم دينهم.

ونحو ذلك قال قتادة، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم.

وهذا كقوله تعالى: ﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ [أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ][النحل: ٥٨، ٥٩]، (١) وقال تعالى: ﴿وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ﴾ [التكوير: ٨، ٩]. وقد كانوا أيضا يقتلون الأولاد من الإملاق، وهو: الفقر، أو خشية الإملاق أن يحصل لهم في تاني المال (٢) وقد نهاهم [الله] (٣) عن قتل أولادهم لذلك وإنما كان هذا (٤) كله من شرع الشيطان تزيينه لهم ذلك.

قال تعالى: (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ) أي: كل هذا واقع بمشيئته تعالى وإرادته واختياره لذلك كونًا، وله الحكمة التامة في ذلك، فلا (٥) يسأل عما يفعل وهم يُسألون. (فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ) أي: فدعهم واجتنبهم وما هم فيه، فسيحكم الله بينك وبينهم.

﴿وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لا يَطْعَمُهَا إِلا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (١٣٨)

قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: "الحجْرُ": الحرام، مما حرموا الوصيلة، وتحريم ما حرموا.

وكذلك قال مجاهد، والضحاك، والسُّدِّي، وقتادة، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم.

وقال قتادة: (وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ) الآية: تحريم كان عليهم من الشياطين في أموالهم، وتغليظ وتشديد، وكان ذلك من الشياطين، ولم يكن من الله تعالى.

وقال ابن زيد بن أسلم: (حِجْرٌ) إنما احتجزوها لآلهتهم.

وقال السدي: (لا يَطْعَمُهَا إِلا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ) يقولون: حرام أن نطعم إلا من شئنا.

وهذه الآية الكريمة كقوله تعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلالا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ﴾ [يونس: ٥٩]، وكقوله تعالى: ﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ﴾ [المائدة: ١٠٣].


(١) زيادة من م، أ، وفي هـ: "الآية".
(٢) في أ: "الحال".
(٣) زيادة من أ.
(٤) في أ: "كذلك وإن كان هذا".
(٥) في أ: "ولا".