للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال السدي: أما (وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا) فهي البحيرة والسائبة والحام، وأما الأنعام التي لا يذكرون اسم الله عليها قال: إذا أولدوها، ولا إن نحروها.

وقال أبو بكر بن عَيَّاش، عن عاصم بن أبي النَّجُود قال لي أبو وائل: تدري (١) ما في قوله: (وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا)؟ قلت: لا. قال: هي البحيرة، كانوا لا يحجون عليها.

وقال مجاهد: كان من إبلهم طائفة لا يذكرون اسم الله عليها [ولا] (٢) في شيء من شأنها، لا إن ركبوا، ولا إن حلبوا، ولا إن حملوا، ولا إن سحبوا (٣) ولا إن عملوا شيئا (٤).

(افْتِرَاءً عَلَيْهِ) أي: على الله، وكذبا منهم في إسنادهم ذلك إلى دين الله وشرعه؛ فإنه لم يأذن لهم في ذلك ولا رَضيه منهم (سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ) أي: عليه، ويُسْندون إليه.

﴿وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (١٣٩)

قال أبو إسحاق السبيعي، عن عبد الله بن أبي الهُذَيل، عن ابن عباس: (وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الأنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا) الآية، قال: اللبن.

وقال العوفي، عن ابن عباس: (وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الأنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا) [الآية] (٥): فهو اللبن، كانوا يحرمونه على إناثهم، ويشربه ذكرانهم. وكانت الشاة إذا ولدت ذكرًا ذبحوه، وكان للرجال دون النساء. وإن كانت أنثى تركت فلم تذبح، وإن كانت ميتة فهم فيه شركاء. فنهى الله عن ذلك. وكذا قال السُّدِّي.

وقال الشعبي: "البحيرة" لا يأكل من لبنها إلا الرجال، وإن مات منها شيء أكله الرجال والنساء، وكذا قال عِكْرِمة، وقتادة، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم.

وقال مجاهد في قوله: (وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الأنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا) قال: هي السائبة والبحيرة.

وقال أبو العالية، ومجاهد، وقتادة [في قوله] (٦) (سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ) أي: قولهم الكذب في ذلك، يعني قوله (٧) تعالى: ﴿وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ﴾ الآية [النحل: ١١٦، ١١٧].

إنه (حَكِيمٌ) أي: في أفعاله وأقواله وشرعه وقدره، (عَلِيمٌ) بأعمال عباده من خير وشر، وسيجزيهم على ذلك أتم الجزاء.


(١) في أ: "أتدري".
(٢) زيادة من م، أ.
(٣) في م، أ: "حجوا".
(٤) في د: "شيئا نتجوا".
(٥) زيادة من أ.
(٦) زيادة من م، أ.
(٧) في م، أ: "كقوله".