للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ابن جبير بن مطعم، سمعت عبد الله بن عمر يقول: لم يكن رسول الله يدع هؤلاء الدعوات حين يصبح وحين يمسي: "اللهم إني أسألك العافية (١) في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي، وآمن رَوْعاتي، اللهم احفظني من بين يديّ ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي، ومن فَوْقِي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي". قال وكيع: يعني الخسف.

ورواه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وابن حِبَّان، والحاكم من حديث عبادة بن مسلم، به (٢) وقال الحاكم: صحيح الإسناد.

﴿قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ (١٨)

أكد تعالى عليه اللعنة (٣) والطرد والإبعاد والنفي عن محل الملأ الأعلى بقوله: (اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا)

قال ابن جرير: أما "المذءوُم" فهو المعيب، والذّأم غير مشدَّد: العيب. يقال: "ذأمه يذأمه ذأما فهو مذءوم". ويتركون الهمز فيقولون: "ذمْته أذيمه ذيما وذَاما، والذام والذيم أبلغ في العيب من الذم".

قال: "والمدحور": المُقْصَى. وهو المبعد المطرود.

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: ما نعرف (٤) "المذءوم" و "المذموم" إلا واحدًا.

وقال سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن التميمي، عن ابن عباس: (اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا) قال: مقيتا.

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: صغيرا مقيتا. وقال السدي: مقيتا مطرودا. وقال قتادة: لعينا مقيتا. وقال مجاهد: منفيًا مطرودًا. وقال الربيع بن أنس: مذؤوما: منفيا، والمدحور: المصغر (٥).

وقوله تعالى: (لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ) كقوله ﴿قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا * وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَولادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلا غُرُورًا * إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلا﴾ [الإسراء: ٦٣ - ٦٥].


(١) في أ: "أسألك العفو والعافية".
(٢) المسند (٢/ ٢٥) وسنن أبي داود برقم (٥٠٧٤) وسنن النسائي (٨/ ٢٨٢) وسنن ابن ماجة برقم (٣٨٧١) وصحيح ابن حبان (٢/ ١٥٥) "الإحسان" والمستدرك (١/ ٥١٧).
(٣) في د، ك، م، أ: "أكد تعالى عليه اللعنة".
(٤) في ك: "ما يعرف".
(٥) في د: "الصغير".