للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ: مَرَّ الْمَلَأُ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعِنْدَهُ: خَبَّاب، وصُهَيْب، وَبِلَالٌ، وَعَمَّارٌ. فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، أَرَضِيتَ بِهَؤُلَاءِ؟ فَنَزَلَ فِيهِمُ (١) الْقُرْآنُ: {وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ} إِلَى قَوْلِهِ: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ} (٢) (٣)

وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، مِنْ طَرِيقِ أَشْعَثَ، عَنْ كُرْدُوسٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: مَرَّ الْمَلَأُ مِنْ قُرَيْشٍ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعِنْدَهُ: صُهَيْبٌ، وَبِلَالٌ، وَعَمَّارٌ، وَخَبَّابٌ، وَغَيْرُهُمْ مِنْ ضُعَفَاءِ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، أَرَضِيتَ بِهَؤُلَاءِ مِنْ قَوْمِكَ؟ أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا؟ وَنَحْنُ نَكُونُ تَبَعًا لِهَؤُلَاءِ؟ اطْرُدْهُمْ عَنْكَ، فَلَعَلَّكَ إِنْ طَرَدْتَهُمْ أَنْ نَتَّبِعَكَ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ} إِلَى آخِرِ الْآيَةِ (٤)

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، حدثنا عمرو بن محمد العنقزي، حدثنا أسباط بْنُ نَصْرٍ، عَنِ السُّدِّي، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْأَزْدِيِّ -وَكَانَ قَارِئَ الْأَزْدِ -عَنْ أَبِي الْكَنُودِ، عَنْ خَبَّابٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} قَالَ: جَاءَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ وَعُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ الْفَزَارِيُّ، فَوَجَدُوا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ صُهَيْبٍ وَبِلَالٍ وَعَمَّارٍ وَخَبَّابٍ قَاعِدًا فِي نَاسٍ مِنَ الضُّعَفَاءِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٥) فَلَمَّا رَأَوْهُمْ حَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقَّرُوهُمْ، فَأَتَوْهُ فَخَلَوْا بِهِ، وَقَالُوا: إِنَّا نُرِيدُ أَنْ تَجْعَلَ لَنَا مِنْكَ مَجْلِسًا تَعْرِفُ لَنَا بِهِ الْعَرَبُ فَضْلَنَا، فَإِنَّ وُفُودَ الْعَرَبِ تَأْتِيكَ فَنَسْتَحْيِي أَنْ تَرَانَا الْعَرَبُ مَعَ هَذِهِ الْأَعْبُدِ، فَإِذَا نَحْنُ جِئْنَاكَ فَأَقِمْهُمْ عَنَّا، فَإِذَا نَحْنُ فَرَغْنَا فَاقْعُدْ مَعَهُمْ إِنْ شِئْتَ. قَالَ: "نَعَمْ". قَالُوا: فَاكْتُبْ لَنَا عَلَيْكَ كِتَابًا، قَالَ: فَدَعَا بِالصَّحِيفَةِ وَدَعَا عَلِيًّا لِيَكْتُبَ، وَنَحْنُ قُعُودٌ فِي نَاحِيَةٍ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ فَقَالَ: {وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ [بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ] } (٦) فَرَمَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصَّحِيفَةِ، ثُمَّ دَعَانَا فَأَتَيْنَاهُ.

وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، مِنْ حَدِيثِ أَسْبَاطٍ، بِهِ. (٧)

وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، فَإِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَكِّيَّةٌ، وَالْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ وَعُيَيْنَةُ إِنَّمَا أَسْلَمَا بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِدَهْرٍ.

وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ سَعْدٌ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي سِتَّةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْهُمُ ابْنُ مَسْعُودٍ، قَالَ: كُنَّا نَسْبِقُ إِلَى النَّبِيِّ (٨) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَدْنُو مِنْهُ وَنَسْمَعُ مِنْهُ، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: يُدْنِي هَؤُلَاءِ دُونَنَا، فَنَزَلَتْ: {وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ}


(١) في د: "عليهم".
(٢) في أ: "والله أعلم بالظالمين" وهو خطأ.
(٣) المسند (١/٤٢٠) وقال الهيثمي في المجمع (٧/٢١) : "رجال أحمد رجال الصحيح غير كردوس وهو ثقة".
(٤) تفسير الطبري (١١/٣٧٤) .
(٥) في أ: "المسلمين".
(٦) زيادة من م، أ، وفي هـ: " الآية".
(٧) ورواه ابن ماجة في السنن برقم (٤١٢٧) من طريق أحمد بن محمد بن يحيى القطان به، وقال البوصيري في الزوائد (٣/٢٧٦) : "هذا إسناد صحيح".
(٨) في م، أ: "إلى رسول الله".

<<  <  ج: ص:  >  >>