للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الأمر إلى عيسى ، فتكلم على أشراطها؛ لأنه ينزل في آخر هذه الأمة منفذًا لأحكام رسول الله ، ويقتل المسيح الدجال، ويجعل الله هلاك يأجوج ومأجوج ببركة دعائه، فأخبر بما أعلمه الله تعالى به.

وقال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن أبي بُكَيْر (١) حدثنا عُبيد الله بن إياد بن لَقِيط (٢) قال: سمعت أبي يذكر عن حذيفة قال: سئل رسول الله عن الساعة فقال: "علمها عند ربي لا يُجَلِّيها لوقتها إلا هو، ولكن سأخبركم (٣) بمشاريطها، وما يكون بين يديها: إن بين يديها فتنة وهرجًا"، قالوا: يا رسول الله، الفتنة قد عرفناها، فالهرج ما هو؟ قال بلسان الحبشة: "القتل". قال (٤) وَيُلقَى بين الناس التَّنَاكرُ، فلا يكاد أحد يعرف أحدًا" (٥) لم يروه أحد من أصحاب الكتب الستة من هذا الوجه.

وقال وَكِيع: حدثنا ابن أبي خالد، عن طارق بن شهاب، قال: كان رسول الله لا يزال يذكر من شأن (٦) الساعة حتى نزلت: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا﴾ الآية [النازعات: ٤٢].

ورواه النسائي من حديث عيسى بن يونس، عن إسماعيل بن أبي خالد، به (٧) وهذا إسناد جيد قوي.

فهذا النبي الأمي سيد الرسل وخاتمهم [محمد] (٨) صلوات الله عليه وسلامه (٩) نبي الرحمة، ونبي التوبة، ونبي الملحمة، والعاقب والمُقَفَّي، والحاشر الذي تحشر (١٠) الناس على قدميه، مع قوله فيما ثبت عنه في الصحيح من حديث أنس وسهل بن سعد، : "بعثت أنا والساعة كهاتين" (١١) وقرن بين إصبعيه السبابة والتي تليها. ومع هذا كله، قد أمره الله تعالى أن يَرُد علم وقت الساعة إليه إذا سئل عنها، فقال: (قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)

﴿قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (١٨٨)

أمره الله تعالى أن يفوّض الأمور إليه، وأن يخبر عن نفسه أنه لا يعلم الغيب، ولا اطلاع له على شيء من ذلك إلا بما أطلعه الله عليه، كما قال تعالى: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * [إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا][الجن: ٢٦، ٢٧] (١٢)


(١) في م: "مليكة".
(٢) في أ: "عبد الله بن زياد بن لقيط".
(٣) في ك، م: "أخبركم".
(٤) في م: "وقال".
(٥) المسند (٥/ ٣٨٩) قال الهيثمي في المجمع (٧/ ٣٠٩): "رجاله رجال الصحيح".
(٦) في أ: "أمر".
(٧) سنن النسائي الكبرى برقم (١١٦٤٥).
(٨) زيادة من م، أ.
(٩) في م: " "
(١٠) في أ: "يحشر".
(١١) أما حديث أنس بن مالك: فأخرجه البخاري في صحيحه برقم (٦٥٠٤) ومسلم في صحيحه برقم (٢٩٥١). وأما حديث سهل بن سعد: فأخرجه البخاري في صحيحه برقم (٤٩٣٦) ومسلم في صحيحه برقم (٢٩٥٠).
(١٢) زيادة من م، أ.