للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: (وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ) قال عبد الرزاق، عن الثوري، عن منصور، عن مجاهد. (وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ) قال: لو كنت أعلم متى أموت، لعملت عملا صالحا.

وكذلك روى ابن أبي نجِيح عن مجاهد: وقال مثله ابن جُرَيْج.

وفيه نظر؛ لأن عمل رسول الله كان دَيمة. وفي رواية: كان إذا عمل عملا أثبته (١)

فجميع عمله كان على منوال واحد، كأنه ينظر إلى الله، ﷿، في جميع أحواله، اللهم إلا أن يكون المرادُ أن يرشد غيره إلى الاستعداد لذلك، والله أعلم.

والأحسن في هذا ما رواه الضحاك، عن ابن عباس: (وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ) أي: من المال. وفي رواية: لعلمت إذا اشتريت شيئًا ما (٢) أربح فيه، فلا أبيع شيئًا إلا ربحت فيه، وما مسني السوء، قال: ولا يصيبني الفقر.

وقال ابن جرير: وقال آخرون: معنى ذلك: لو كنت أعلم الغيب لأعددت للسنة المجدبة من المخصبة، ولعرفت (٣) الغَلاء من الرخص، فاستعددت له من الرخص.

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: (وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ) قال: لاجتنبت ما يكون من الشر قبل أن يكون، واتقيته.

ثم أخبر أنه إنما هو نذير وبشير، أي: نذير من العذاب، وبشير للمؤمنين بالجنات، كما قال تعالى: ﴿فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا﴾ [مريم: ٩٧]

﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (١٨٩) فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (١٩٠)

ينبه تعالى على أنه خلق جميع الناس من آدم، ، وأنه خلق منه زوجه (٤) حواء، ثم انتشر الناس منهما، كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [الحجرات: ١٣] وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا [وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً] (٥)﴾ الآية [النساء: ١].


(١) رواه مسلم في صحيحه برقم (٧٨٣) من حديث عائشة، .
(٢) في م: "مما".
(٣) في أ: "ولوقت".
(٤) في د: "زوجته".
(٥) زيادة من م، أ.