للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال في هذه الآية الكريمة: (وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا) أي: ليألفها ويسكن بها، كما قال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ [الروم: ٢١] فلا ألفة بين زَوْجين أعظم مما بين الزوجين؛ ولهذا ذكر تعالى أن الساحر ربما توصل بكيده إلى التفرقة بين المرء وزوجه.

(فَلَمَّا تَغَشَّاهَا) أي: وطئها (حَمَلَتْ حَمْلا خَفِيفًا) وذلك أول الحمل، لا تجد المرأة له ألما، إنما هي النُّطفة، ثم العَلَقة، ثم المُضغة.

وقوله: (فَمَرَّتْ بِهِ) قال مجاهد: استمرت بحمله. وروي عن الحسن، وإبراهيم النَّخَعَي، والسُّدِّي، نحوه.

وقال ميمون بن مهران: عن أبيه استخفته.

وقال أيوب: سألت الحسن عن قوله: (فَمَرَّتْ بِهِ) قال: لو كنت رجلا عربيًا لعرفت ما هي. إنما هي: فاستمرت به.

وقال قتادة: (فَمَرَّتْ بِهِ) واستبان حملها.

وقال ابن جرير: [معناه] (١) استمرت بالماء، قامت به وقعدت.

وقال العَوْفي، عن ابن عباس: استمرت به، فشكت: أحملت (٢) أم لا.

(فَلَمَّا أَثْقَلَتْ) أي: صارت ذات ثقل (٣) بحملها.

وقال السدي: كبر الولد في بطنها.

(دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا) أي: بشرا سويا، كما قال الضحاك، عن ابن عباس: أشفقا أن يكون بهيمة.

وكذلك (٤) قال أبو البَخْتري وأبو مالك: أشفقا ألا يكون إنسانًا.

وقال الحسن البصري: لئن آتيتنا غلامًا.

(لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) ذكر المفسرون هاهنا آثارا وأحاديث سأوردها وأبين ما فيها، ثم نتبع ذلك بيان الصحيح في ذلك، إن شاء الله وبه الثقة.

قال الإمام أحمد في مسنده: حدثنا عبد الصمد، حدثنا عمر بن إبراهيم، حدثنا قتادة، عن الحسن، عن سمرة، عن النبي (٥) قال: "ولما ولدت حواء طاف بها إبليس -وكان لا يعيش لها ولد -فقال: سميه عبد الحارث؛ فإنه يعيش، فسمته عبد الحارث، فعاش وكان ذلك من وحي


(١) زيادة من أ.
(٢) في د، ك، م، أ: "أحبلت".
(٣) في م: "أثقل".
(٤) في أ: "وكذا".
(٥) في د: "رسول الله".