للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال مجاهد: قال عمر: أنا فئة كل مسلم.

وقال عبد الملك بن عُمَيْر، عن عمر: أيها الناس، لا تغرنكم هذه الآية، فإنما كانت يوم بدر، وأنا (١) فئة لكل مسلم.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا حسان بن عبد الله المصري، حدثنا خلاد بن سليمان الحضرمي، حدثنا نافع: أنه سأل ابن عمر قلت: إنا قوم لا نثبت عند قتال عدونا، ولا ندري من الفئة: إمامنا أو عسكرنا؟ فقال: إن الفئة رسول الله . فقلت إن الله يقول: (إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلا تُوَلُّوهُمُ الأدْبَارَ) (٢) فقال: إنما نزلت هذه الآية في يوم بدر، لا قبلها ولا بعدها.

وقال الضحاك في قوله: (أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ) المتحيز: الفار إلى النبي وأصحابه، وكذلك من فر اليوم إلى أميره أو أصحابه.

فأما إن كان الفرار لا عن سبب من هذه الأسباب، فإنه حرام وكبيرة من الكبائر، لما رواه البخاري ومسلم في صحيحهما عن أبي هريرة، ، قال: قال رسول الله : "اجتنبوا السبع الموبقات". قيل: يا رسول الله، وما هن؟ قال: "الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتَّوَلِّي يوم الزحف، وقَذْفِ المحصنات الغافلات المؤمنات" (٣)

ولهذا الحديث شواهد من وجوه أخر؛ ولهذا قال تعالى: (فَقَدْ بَاءَ) أي: رجع (بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ) أي: مصيره ومنقلبه يوم ميعاده: (جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ)

وقال الإمام أحمد: حدثنا زكريا بن عَدِيّ، حدثنا عبيد الله بن عمرو الرَّقِّي، عن زيد بن أبي أُنَيْسَة، حدثنا جبلة بن سُحَيْم، عن أبي المثنى العبدي، سمعت السدوسي -يعني ابن الخصاصية، وهو بشير بن معبد -قال: أتيت النبي لأبايعه، فاشترط علي: "شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن أقيم الصلاة، وأن أؤدي الزكاة، وأن أحج حَجَّة الإسلام، وأن أصوم شهر رمضان، وأن أجاهد في سبيل الله". فقلت: يا رسول الله، أما اثنتان فوالله لا أطيقهما: الجهاد، فإنهم زعموا أنه من ولى الدُّبُر فقد باء بغضب من الله، فأخاف إن حضرت ذلك خشعت نفسي وكرهت الموت. والصدقة، فوالله ما لي إلا غُنَيْمَةٌ وعشر ذَوْدٍ هُنَّ رَسَل أهلي وحَمُولتهم. فقبض رسول الله يده، ثم حرك يده، ثم قال: "فلا جهاد ولا صدقة، فيم تدخل الجنة إذا؟ " فقلت: يا رسول الله، أنا أبايعك. فبايعته عليهنَّ كلهنَّ.

هذا حديث (٤) غريب (٥) من هذا الوجه (٦) ولم يخرجوه في الكتب الستة.


(١) في م: "وإنه".
(٢) زيادة من ك، د، م، أ، وفي هـ:: الآية".
(٣) صحيح البخاري برقم (٢٧٦٦) وصحيح مسلم برقم (٨٩).
(٤) في م: "الحديث".
(٥) في أ: "عزيز".
(٦) المسند (٥/ ٢٢٤).