للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَهُ مُجَاهِدٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ. وَرَوَاهُ العَوْفي وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَكَذَا رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ ليْث، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

وَقِيلَ: الْمُرَادُ: لَا تُفْتَحُ لِأَرْوَاحِهِمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ.

رَوَاهُ الضَّحَّاكُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَالَهُ السُّدِّي وَغَيْرُ وَاحِدٍ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ المِنْهَال -هُوَ ابْنُ عَمْرٍو -عَنْ زَاذَانَ، عَنِ الْبَرَاءِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ قَبْض رُوحِ الْفَاجِرِ، وَأَنَّهُ يُصْعَد بِهَا إِلَى السَّمَاءِ، قَالَ: "فَيَصْعَدُونَ بِهَا، فَلَا تَمُرُّ عَلَى مَلَأٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا قَالُوا: مَا هَذِهِ الرُّوحُ الْخَبِيثَةُ؟ فَيَقُولُونَ: فَلَانٌ، بِأَقْبَحِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانَ يُدْعَى بِهَا فِي الدُّنْيَا، حَتَّى يَنْتَهُوا بِهَا إِلَى السَّمَاءِ، فَيَسْتَفْتِحُونَ بَابَهَا لَهُ فَلَا يُفْتَحُ لَهُ". ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ [وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ] } (١) الْآيَةَ.

هَكَذَا رَوَاهُ، وَهُوَ قِطْعَةٌ مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، مِنْ طُرُقٍ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، بِهِ (٢) وَقَدْ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِطُولِهِ فَقَالَ:

حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ مِنْهَال بْنِ عَمْرٍو، عَنْ زَاذَانَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ] (٣) قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ ولَمَّا يُلْحَد. فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِنَا الطَّيْرَ، وَفِي يَدِهِ عُودٌ يَنْكُتُ بِهِ فِي الْأَرْضِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: "اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ". مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا، وَإِقْبَالٍ إِلَى الْآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مَلَائِكَةٌ مِنَ السَّمَاءِ بِيضُ الْوُجُوهِ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الشَّمْسُ، مَعَهُمْ كَفَنٌ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ، وحَنُوط مِنْ حَنُوط الْجَنَّةِ، حَتَّى يَجْلِسُوا مِنْهُ مَدَّ بَصَرِهِ. ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ، حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُولُ: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ (٤) اخْرُجِي إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ".

قَالَ: "فَتَخْرُجُ تَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنْ فِي السِّقَاءِ، فَيَأْخُذُهَا فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعوها (٥) فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ، حَتَّى يَأْخُذُوهَا فَيَجْعَلُوهَا فِي ذَلِكَ الْكَفَنِ، وَفِي ذَلِكَ الْحَنُوطِ. وَيَخْرُجَ مِنْهَا كَأَطْيَبِ نَفْحَةِ مِسْكٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ. فَيَصْعَدُونَ بِهَا فَلَا يَمُرُّونَ -يَعْنِي-بِهَا عَلَى مَلَأٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا قَالُوا: مَا هَذَا الرُّوحُ الطَّيِّبُ؟ فَيَقُولُونَ: فَلَانٌ بن فُلَانٍ، بِأَحْسَنِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانُوا يُسَمُّونَهُ بِهَا فِي الدُّنْيَا، حَتَّى يَنْتَهُوا بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَسْتَفْتِحُونَ لَهُ، فَيُفْتَحُ لَهُ، فَيُشَيِّعُهُ مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ مُقَرَّبُوهَا إِلَى السَّمَاءِ الَّتِي تَلِيهَا، حَتَّى يَنْتَهِيَ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، فَيَقُولُ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ: اكْتُبُوا كِتَابَ عَبْدِي فِي عِليِّين، وَأَعِيدُوهُ إِلَى الْأَرْضِ، فَإِنِّي مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ، وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ وَمِنْهَا أخرجهم تارة أخرى".


(١) زيادة من ك، م، أ.
(٢) تفسير الطبري (١٢/٤٢٤) ، وسنن أبي داود برقم (٤٧٥٣) ، وسنن النسائي (٤/٧٨) ، وسنن ابن ماجة برقم (١٥٤٨) .
(٣) زيادة من ك، أ.
(٤) في ك، م: "المطمئنة".
(٥) في ك: "يدعها".

<<  <  ج: ص:  >  >>