للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٥٢)

يقول تعالى: فعل هؤلاء المشركون المكذبون (١) بما أرسلت به يا محمد، كما فعل الأمم المكذبة قبلهم، ففعلنا بهم ما هو دأبنا، أي: عادتنا وسنتنا في أمثالهم من المكذبين من آل فرعون ومن قبلهم من الأمم المكذبة بالرسل، الكافرين بآيات الله. (فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ) [أي: بسبب ذنوبهم أهلكهم، فأخذهم أخذ عزيز مقتدر] (٢) إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ) أي: لا يغلبه غالب، ولا يفوته هارب.

﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٥٣) كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ (٥٤)

يخبر تعالى عن تمام عدله، وقسطه في حكمه، بأنه تعالى لا يغير نعمة أنعمها على أحد (٣) إلا بسبب ذنب ارتكبه، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ﴾ [الرعد: ١١]، وقوله (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ) أي: كصنعه (٤) بآل فرعون وأمثالهم حين كذبوا بآياته، أهلكهم بسبب ذنوبهم، وسلبهم تلك النعم التي أسداها إليهم من جنات وعيون، وزروع وكنوز ومقام كريم، ونعمة كانوا فيها فاكهين، وما ظلمهم الله في ذلك، بل (٥) كانوا هم الظالمين.

﴿إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٥٥) الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ (٥٦) فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (٥٧)

أخبر تعالى أن شر ما دب على وجه الأرض هم الذين كفروا فهم لا يؤمنون، الذين كلما عاهدوا عهدا نقضوه، وكلما أكدوه بالأيمان نكثوه، (وَهُمْ لا يَتَّقُونَ) أي: لا يخافون من الله في شيء ارتكبوه من الآثام.

(فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ) أي: تغلبهم وتظفر بهم في حرب، (فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ) أي: نكل بهم، قاله: ابن عباس، والحسن البصري، والضحاك، والسدي، وعطاء الخراساني، وابن عيينة،


(١) في م: "المشركين المكذبين".
(٢) زيادة من د، ك، م.
(٣) في أ: "قوم".
(٤) في د، ك،: "كصنيعهم".
(٥) في أ: "ولكن".