للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومعناه: غَلّظ عقوبتهم وأثخنهم قتلا ليخاف من سواهم من الأعداء، من العرب وغيرهم، ويصيروا لهم عبرة (لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ)

وقال السدي: يقول: لعلهم يحذرون أن ينكثوا فيُصنع (١) بهم مثل ذلك.

﴿وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ (٥٨)

يقول تعالى لنبيه، صلوات الله وسلامه عليه (٢) (وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ) قد عاهدتهم (خِيَانَةً) أي: نقضًا لما بينك وبينهم من المواثيق والعهود، (فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ) أي: عهدهم (عَلَى سَوَاءٍ) أي: أعلمهم بأنك قد نقضت عهدهم حتى يبقى علمك وعلمهم بأنك حرب لهم، وهم حرب لك، وأنه لا عهد بينك وبينهم على السواء، أي: تستوي أنت وهم في ذلك، قال الراجز.

فَاضْرِبْ وُجُوهَ الغُدر [الأعْداء] (٣)

… ... حتى يجيبوك إلى السواء (٤)

وعن الوليد بن مسلم أنه قال في قوله: (فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ) أي: على مهل، (إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ) أي: حتى ولو في حق الكفارين، لا يحبها أيضًا.

قال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة (٥) عن أبي الفيض، عن سليم بن عامر، قال: كان معاوية يسير في أرض الروم، وكان بينه وبينهم أمد، فأراد أن يدنو منهم، فإذا انقضى الأمد غزاهم، فإذا شيخ على دابة يقول: الله أكبر [الله أكبر] (٦) وفاء لا غدرا، إن رسول الله قال: "ومن كان بينه وبين قوم عهد فلا يحلَّنَّ عقدة ولا يشدها حتى ينقضي أمدها، أو ينبذ إليهم على سواء" قال: فبلغ ذلك معاوية، فرجع، وإذا الشيخ عمرو بن عبسة، .

وهذا الحديث رواه أبو داود الطيالسي، عن شعبة وأخرجه أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن حبان في صحيحه من طرق عن شعبة، به (٧) وقال الترمذي: حسن صحيح.

وقال الإمام أحمد أيضا: حدثنا محمد بن عبد الله الزبيري، حدثنا إسرائيل، عن عطاء بن السائب، عن أبي البختري عن سلمان -يعني الفارسي : أنه انتهى إلى حصن -أو: مدينة -فقال لأصحابه: دعوني أدعوهم كما رأيت رسول الله (٨) يدعوهم، فقال: إنما كنت رجلا منهم (٩) فهداني الله ﷿ للإسلام، فإذا أسلمتم فلكم ما لنا وعليكم ما علينا، وإن أبيتم فأدوا


(١) في ك: "فنصنع".
(٢) في أ: "".
(٣) زيادة من د، م، أ، والطبري.
(٤) الرجز في تفسير الطبري (١٤/ ٢٧).
(٥) في ك: "سعيد".
(٦) زيادة من د، ك، م، والمسند.
(٧) مسند أحمد (٤/ ١١١) ومسند الطيالسي برقم (١١٥٥) وسنن أبي داود برقم (٢٧٥٩) وسنن الترمذي برقم (١٥٨٠) والنسائي في السنن الكبرى برقم (٨٧٣٢).
(٨) في د، ك: "النبي".
(٩) في د، ك، م: "منكم".