للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد روي عن سعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير: أن هذه الآية نزلت حين أسلم عمر بن الخطاب، وكمل به الأربعون.

وفي هذا نظر؛ لأن هذه الآية مدنية، وإسلام عمر كان بمكة بعد الهجرة إلى أرض الحبشة وقبل الهجرة إلى المدينة، والله أعلم.

ثم قال تعالى مُبَشِّرًا للمؤمنين وآمرا: (إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) كل واحد بعشرة (١) ثم نسخ هذا الأمر وبقيت البشارة.

قال عبد الله بن المبارك: حدثنا جرير بن حازم، حدثني الزبير بن الخِرِّيت (٢) عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لما نزلت: (إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ) شق ذلك على المسلمين حين فرض الله عليهم ألا يفر واحد من عشرة، ثم جاء التخفيف، فقال: (الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ) إلى قوله: (يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ) قال: خفف الله عنهم من العدة، ونقص من الصبر بقدر ما خفف عنهم.

وروى البخاري من حديث ابن المبارك، نحوه (٣)

وقال سعيد بن منصور: حدثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس في هذه الآية قال: كتب عليهم ألا يفر عشرون من مائتين، ثم خفف الله عنهم، فقال: (الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا) فلا ينبغي لمائة أن يفروا من مائتين.

وروى البخاري، عن علي بن عبد الله، عن سفيان، به ونحوه (٤)

وقال محمد بن إسحاق: حدثني ابن أبي نجيح، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: لما نزلت هذه الآية ثقلت على المسلمين، وأعظموا أن يقاتل عشرون مائتين، ومائة ألفًا، فخفف الله عنهم فنسخها بالآية الأخرى فقال: (الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا) الآية، فكانوا إذا كانوا على الشطر من عدو لهم (٥) لم ينبغ لهم أن يفروا من عدوهم، وإذا كانوا دون ذلك، لم يجب عليهم قتالهم، وجاز لهم أن يتحوزوا عنهم.

وروى علي بن أبي طلحة والعوفي، عن ابن عباس، نحو ذلك. قال ابن أبي حاتم: وروي عن مجاهد، وعطاء، وعكرمة، والحسن، وزيد بن أسلم، وعطاء الخراساني، والضحاك نحو ذلك.

وروى الحافظ أبو بكر بن مردويه، من حديث المسيب بن شريك، عن ابن عون، عن نافع، عن ابن عمر، : (إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ) قال: نزلت فينا أصحاب محمد .


(١) في ك: "لعشرة".
(٢) في هـ: "الزبير بن الحارث" والمثبت من د، ك، م الطبري.
(٣) صحيح البخاري برقم (٤٦٥٣).
(٤) صحيح البخاري برقم (٤٦٥٢).
(٥) في د، ك: "عدوهم".