للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وروى الحاكم في مستدركه، من حديث أبي عمرو بن العلاء، عن نافع، عن ابن عمر؛ أن رسول الله قرأ: (الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا) رفع، ثم قال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه (١)

﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٦٧) لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٦٨) فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٦٩)

قال الإمام أحمد: حدثنا علي بن عاصم، عن حميد، عن أنس، ، قال: استشار رسول الله الناس في الأسارى يوم بدر، فقال: "إن الله قد أمكنكم منهم" فقام عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله، اضرب أعناقهم. فأعرض عنه النبي ، ثم عاد رسول الله فقال: "يا أيها الناس، إن الله قد أمكنكم منهم، وإنما هم إخوانكم بالأمس". فقام عمر فقال: يا رسول الله، اضرب أعناقهم. فأعرض عنه النبي ، ثم عاد النبي فقال للناس مثل ذلك، فقام أبو بكر الصديق، ، فقال: يا رسول الله، نرى أن تعفو عنهم، وأن تقبل منهم الفداء. قال: فذهب عن وجه رسول الله ما كان فيه من الغم، فعفا عنهم، وقبل منهم الفداء. قال: وأنزل الله، ﷿: (لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ) الآية (٢)

وقد سبق في أول السورة حديث ابن عباس في صحيح مسلم بنحو ذلك.

وقال الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة، عن عبد الله قال: لما كان يوم بدر قال رسول الله : "ما تقولون في هؤلاء (٣) الأسارى؟ " قال: فقال أبو بكر: يا رسول الله، قومك وأهلك، استبقهم واستتبهم، لعل الله أن يتوب عليهم. قال: وقال عمر: يا رسول الله، أخرجوك، وكذبوك، فقدمهم فاضرب أعناقهم. قال: وقال عبد الله بن رواحة: يا رسول الله، أنت في واد كثير الحطب، فأضرم الوادي عليهم نارًا، ثم ألقهم فيه. [قال: فقال العباس: قطعت رحمك] (٤) قال: فسكت رسول الله فلم يرد عليهم شيئًا، ثم قام فدخل فقال ناس: يأخذ بقول أبي بكر. وقال ناس: يأخذ بقول عمر. وقال ناس: يأخذ بقول عبد الله بن رواحة. ثم خرج عليهم رسول الله فقال: "إن الله ليلين قلوب رجال حتى تكون ألين من اللبن، وإن الله ليشدد قلوب رجال فيه حتى تكون أشد من الحجارة، وإن مثلك يا أبا بكر كمثل إبراهيم، ، قال: ﴿فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [إبراهيم: ٣٦]، وإن مثلك يا أبا بكر كمثل عيسى، ، قال: ﴿إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [المائدة: ١١٨]، وإن مثلك يا عمر مثل موسى


(١) المستدرك (٢/ ٢٣٩).
(٢) المسند (٣/ ٢٤٣).
(٣) في أ: "هذه".
(٤) زيادة من د، ك، م، والمسند والطبري.