للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

استمروا مع موسى، ، طالبين إلى بلاد بيت المقدس [وهي بلاد الخليل فاستمر موسى بمن معه طالبا بيت المقدس] (١) وكان فيه قوم من العمالقة، [فنكل بنو إسرائيل عن قتال العمالقة] (٢) فشردهم الله تعالى في التيه أربعين سنة، ومات فيه (٣) هارون، ثم، موسى، ، وخرجوا بعدهما مع يوشع بن نون، ففتح الله عليهم بيت المقدس، واستقرت أيديهم عليها إلى أن أخذها منهم بختنصر حينا من الدهر، ثم عادت إليهم، ثم أخذها ملوك اليونان، وكانت تحت أحكامهم (٤) مدة طويلة، وبعث الله عيسى ابن مريم، ، في تلك المدة، فاستعانت اليهود -قبحهم (٥) الله -على معاداة عيسى، ، بملوك اليونان، وكانت تحت أحكامهم، ووشوا عندهم، وأوحوا إليهم أن هذا يفسد عليكم الرعايا فبعثوا (٦) من يقبض عليه، فرفعه الله إليه، وشُبّه لهم بعض الحواريين بمشيئة الله وقدره (٧) فأخذوه فصلبوه، واعتقدوا أنه هو، ﴿وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾ [النساء: ١٥٧، ١٥٨] ثم بعد المسيح، بنحو [من] (٨) ثلاثمائة سنة، دخل قسطنطين أحد ملوك اليونان -في دين النصرانية، وكان فيلسوفا قبل ذلك. فدخل في دين النصارى قيل: تقية، وقيل: حيلة ليفسده، فوضعت له الأساقفة منهم قوانين وشريعة وبدعًا أحدثوها، فبنى لهم الكنائس والبيَع الكبار والصغار، والصوامع والهياكل، والمعابد، والقلايات. وانتشر دين النصرانية (٩) في ذلك الزمان، واشتهر على ما فيه من تبديل وتغيير وتحريف، ووضع وكذب، ومخالفة لدين المسيح. ولم يبق على دين المسيح على الحقيقة منهم إلا القليل من الرهبان، فاتخذوا لهم الصوامع في البراري والمهامه والقفار، واستحوذت يدُ النصارى على مملكة الشام والجزيرة وبلاد الروم، وبنى هذا الملك المذكور مدينة قسطنطينية، والقُمَامة، وبيت لحم، وكنائس [بلاد] (١٠) بيت المقدس، ومدن حَوْران كبُصرى وغيرها من البلدان بنايات هائلة محكمة، وعبدوا الصليب من حينئذ، وصلوا إلى الشرق، وصوروا الكنائس، وأحلوا لحم الخنزير، وغير ذلك مما أحدثوه من (١١) الفروع في دينهم والأصول، ووضعوا له الأمانة الحقيرة، التي يسمونها الكبيرة، وصنفوا له القوانين،

وبسط هذا يطول.

والغرض أن يدهم لم تزل على هذه البلاد إلى أن انتزعها (١٢) منهم الصحابة، ، وكان فتح بيت المقدس على يدي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، ، ولله الحمد والمنة.

وقوله: (وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ) أي: الحلال، من الرزق الطيب النافع المستطاب طبعا وشرعا.

وقوله: (فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جَاءَهُمُ الْعِلْمُ) أي: ما اختلفوا في شيء من المسائل إلا من بعد ما جاءهم العلم، أي: ولم يكن لهم أن يختلفوا، وقد بين الله لهم وأزال عنهم اللبس. وقد ورد في


(١) زيادة من ت، أ.
(٢) زيادة من ت، أ.
(٣) في ت، أ: "في أثنائها".
(٤) في أ: "حكامهم".
(٥) في أ: "لعنهم".
(٦) في ت: "فعثوا".
(٧) في أ: "وقدرته".
(٨) زيادة من ت، أ.
(٩) في أ: "النصارى".
(١٠) زيادة من ت، أ.
(١١) في أ: "في".
(١٢) في ت: "انتزعتها".