للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: (وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) أي: هلاكًا وخسارًا (١) لهم وبعدا (٢) من رحمة الله، فإنهم قد هلكوا عن آخرهم، فلم يبق لهم بقية.

وقد روى الإمام أبو جعفر بن جرير والحبر أبو محمد بن أبي حاتم في تفسيريهما (٣) من حديث موسى بن يعقوب (٤) الزمعي، عن قائد -مولى عبيد الله بن أبي رافع -أن إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي ربيعة أخبره: أن عائشة زوج النبي أخبرته: أن النبي قال: "لو رحم الله من قوم نوح أحدًا لرحم أم الصبي"، قال رسول الله : "كان نوح، ، مكث في قومه ألف سنة [إلا خمسين عاما] (٥)، يعني وغرس مائة سنة الشجر، فعظمت وذهبت كل مذهب، ثم قطعها، ثم جعلها سفينة ويمرون عليه ويسخرون منه ويقولون: تعمل (٦) سفينة في البَرّ، فكيف تجري؟ قال: سوف تعلمون. فلما فرغ ونَبَع الماء، وصار في السكك خشِيت أمّ الصبي عليه، وكانت تحبه حبا شديدًا، فخرجت إلى الجبل، حتى بلغت ثلثه (٧) فلما بلغها الماء [ارتفعت حتى بلغت ثلثيه، فلما بلغها الماء] (٨) خرجت به حتى استوت على الجبل، فلما بلغ رقبتها رفعته بيديها فغرقا فلو رحم الله منهم أحدا لرحم أم الصبي" (٩).

وهذا حديث غريب من هذا الوجه، وقد روي عن كعب الأحبار، ومجاهد بن جبر قصةُ هذا الصبي وأمه بنحو من هذا.

﴿وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (٤٥)

هذا سؤال استعلام وكشف من نوح، ، عن حال ولده الذي غرق، (فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي) أي: وقد وعدتني بنجاة أهلي، ووعدُك الحق الذي لا يخلف، فكيف غرق وأنت أحكم الحاكمين؟

﴿قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (٤٦) قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٤٧)

(قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ) أي: الذين وعدت إنجاءهم (١٠)؛ لأني (١١) إنما وعدتك (١٢) بنجاة من آمن من أهلك؛ ولهذا قال: ﴿وَأَهْلَكَ إِلا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ﴾ [هود: ٤٠]، فكان هذا الولد


(١) في ت، أ: "هلاك وخسارا".
(٢) في ت، أ: "وبعد".
(٣) في ت، أ: "تفسيرهما".
(٤) في ت، أ: "يعقوب بن موسى".
(٥) زيادة من الدر المنثور. مستفاد من ط. الشعب.
(٦) في ت: "يعمل".
(٧) في ت، أ: "قتله".
(٨) زيادة من الدر المنثور. مستفاد من ط. الشعب.
(٩) تفسير الطبري (١٥/ ٣١٠) ورواه الحاكم في المستدرك (٢/ ٣٤٢) من طريق سعيد بن أبي مريم عن موسى بن يعقوب به نحوه، وقال الحاكم: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه" وتعقبه الذهبي قلت: "إسناده مظلم وموسى بن يعقوب ليس بذاك".
(١٠) في أ: "نجاتهم".
(١١) في ت: "الذين أي: ليس من أهلك وعدت بنجاتهم لأنما".
(١٢) في ت، أ: "وعدناك".