للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كانت بعدها فهلكت، وصارت رمادًا (١).

وقال الضحاك: الجُوديّ: جبل بالموصل: وقال بعضهم: هو الطور.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا عمرو بن رافع، حدثنا محمد بن عبيد، عن توبة (٢) بن سالم قال: رأيت زِرّ بن حُبَيش يصلي في الزاوية حين يُدخل من أبواب كِندة على يمينك فسألته إنك لكثير (٣) الصلاة هاهنا يوم الجمعة:! قال: بلغني أن سفينة نوح أرْسَتْ من هاهنا.

وقال عِلْباء بن أحمد، عن عِكْرِمة، عن ابن عباس قال: كان مع نوح في السفينة ثمانون رجلا معهم أهلوهم، وإنهم كانوا في السفينة مائة وخمسين يوما، وإن الله وجّه السفينة إلى مكة فدارت بالبيت أربعين يوما، ثم وجهها الله إلى الجُودِيّ فاستقرت عليه، فبعث نوح الغرابَ ليأتيه بخبر الأرض، فذهب فوقع على الجيف فأبطأ عليه فبعث الحمامة فأتته بورق الزيتون، ولطخت رجليها بالطين، فعرف نوح، ، أن الماء قد نضب، فهبط إلى أسفل الجُودِيّ، فابتنى قرية وسماها ثمانين، فأصبحوا ذات يوم وقد تبلبلت ألسنتهم على ثمانين لغة، إحداها اللسان (٤) العربي. فكان بعضهم لا يفقه كلام بعض، وكان نوح يُعبّر عنهم.

وقال كعب الأحبار: إن السفينة طافت ما بين المشرق والمغرب قبل أن تستقر على الجوديّ.

وقال قتادة وغيره: ركبوا في عاشر شهر رجب فساروا مائة وخمسين واستقرت بهم على الجودي شهرًا، وكان خروجهم من السفينة في يوم عاشوراء من المحرم. وقد ورد نحو هذا في حديث مرفوع رواه ابن جرير (٥). وأنهم صاموا يومهم ذاك (٦)، فالله أعلم.

وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو جعفر، حدثنا عبد الصمد بن حَبِيب الأزدي، عن أبيه حبيب بن عبد الله، عن شُبَيل، عن أبي هريرة قال: مر النبي بأناس من اليهود، وقد صاموا يوم عاشوراء، فقال: ما هذا الصوم؟ قالوا: هذا اليوم الذي نجى الله موسى وبني إسرائيل من الغرق، وغرق فيه فرعون، وهذا يوم استوت (٧) فيه السفينة على الجُودِيّ، فصامه (٨) نوح وموسى، ، شكرًا لله ﷿. فقال النبي : "أنا أحق بموسى، وأحق بصوم هذا اليوم". فصام، وقال لأصحابه: "من كان أصبح منكم صائما فليتم صومه، ومن كان أصاب من غَذاء أهله، فليتم بقية يومه" (٩)

وهذا حديثٌ غريبٌ من هذا الوجه، ولبعضه شاهدٌ في الصحيح (١٠).


(١) في ت: "مدادا".
(٢) في ت، أ: "تربة".
(٣) في أ" "لتكثر".
(٤) في ت: "لسان".
(٥) تفسير الطبري (١٥/ ٣٣٥) وهو موضوع.
(٦) في أ: "ذلك".
(٧) في ت، أ: "استقرت".
(٨) في ت، أ: "فصام".
(٩) المسند (٢/ ٣٥٩).
(١٠) في صحيح البخاري برقم (٤٦٨٠) من حديث عبد الله بن عباس قال: قدم النبي المدينة واليهود تصوم عاشوراء، فقالوا: هذا يوم ظهر فيه موسى على فرعون، فقال النبي لأصحابه: "أنتم أحق بموسى منهم، فصوموا".