للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لتأمرهم أن يتركوا ما كان يعبد آباؤهم.

وقال الثوري في قوله: (أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ) يعنون الزكاة.

وقولهم: (إِنَّكَ لأنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ) قال ابن عباس، وميمون بن مِهْرَان، وابن جُرَيْج، وابن أسلم، وابن جرير: يقولون ذلك -أعداء الله -على سبيل الاستهزاء، قبحهم الله ولعنهم عن رحمته، وقد فَعَلْ.

﴿قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلا الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (٨٨)

يقول لهم أرأيتم يا قوم (إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي) أي: على بصيرة فيما أدعو إليه، (وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا) قيل: أراد النبوة. وقيل: أراد الرزق الحلال، ويحتمل الأمرين.

وقال الثوري: (وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ) أي: لا أنهاكم عن شيء (١) وأخالف أنا في السر فأفعله خفية (٢) عنكم، كما قال قتادة في قوله: (وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ) يقول: لم أكن لأنهاكم عن أمر وأركَبَه (٣) (إِنْ أُرِيدُ إِلا الإصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ) أي: فيما آمركم وأنهاكم، إنما مرادي إصلاحكم جهدي وطاقتي، (وَمَا تَوْفِيقِي) أي: في إصابة الحق فيما أريده (إِلا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ) في جميع أموري، (وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) أي: أرجع، قاله مجاهد وغيره.

قال الإمام أحمد: حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا أبو قَزْعَةَ سُوَيد بن حُجَير (٤) الباهلي، عن حكيم بن معاوية، عن أبيه: أن أخاه مالكًا قال: يا معاوية، إن محمدًا أخذ جيراني، فانطَلق إليه، فإنه قد كلمك وعرفك، فانطلقت معه فقال: دع لي جيراني، فقد كانوا أسلموا. فأعرض عنه. [فقام مُتَمَعطًا] (٥) فقال: أما والله لئن فَعلتَ إن الناس يزعمون أنك تأمر بالأمر وتخالف إلى غيره. وجعلت أجرّه وهو يتكلم، فقال رسول الله "ما تقول؟ " فقال: إنك والله لئن فعلت ذلك. إن الناس ليزعمون أنك لتأمر بالأمر وتخالف إلى غيره. قال: فقال: "أوَ قد قالوها -أو قائلهم -ولئن فعلت ذلك ما ذاك إلا عليّ، وما عليهم من ذلك من شيء، أرسلوا له جيرانه" (٦).

وقال أحمد أيضا: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا مَعْمَر، عن بَهْز (٧) بن حكيم، عن أبيه، عن جده


(١) في ت، أ: "الشيء".
(٢) في ت: "خيفة".
(٣) في أ: "وأرتكبه".
(٤) في ت: "ابن حجر".
(٥) زيادة من ت، أ، والمسند.،
(٦) المسند (٤/ ٤٤٧).
(٧) في ت، أ: "شهر".