للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال: أخذ النبي ناسًا من قومي في تُهَمة فحبسهم، فجاء رجل من قومي إلى رسول الله وهو يخطب، فقال: يا محمد، علام تحبس جيرتي؟ فصَمت رسول الله [عنه] (١) فقال: إن ناسًا ليقولون: إنك تنهى عن الشيء وتستخلي به، فقال النبي : "ما يقول؟ " قال: فجعلت أعرض بينهما الكلام مخافة أن يسمعها فيدعو على قومي دَعوة لا يفلحون بعدها أبدًا، فلم يزل رسول الله به حتى فهمها، فقال: "أو قد قالوها -أو: قائلها منهم -والله لو فعلتُ لكان عليّ وما كان عليهم، خلوا له عن جيرانه" (٢).

ومن هذا القبيل الحديث الذي رواه الإمام أحمد: حدثنا أبو عامر، حدثنا سليمان بن بلال، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن عبد الملك بن سعيد بن سويد الأنصاري قال: سمعت أبا حميد وأبا أسيد يقولان: قال رسول الله : "إذا سمعتم الحديث عني تعرفه قلوبكم، وتلين له أشعاركم وأبشاركم، وترون أنه منكم قريب، فأنا أولاكم به، وإذا سمعتم الحديث عني تُنكره قلوبكم، وتنفر منه أشعاركم وأبشاركم، وترون أنه منكم بعيد فأنا أبعدكم منه" (٣).

هذا (٤) إسناد صحيح، وقد أخرج مسلم بهذا السند حديث: "إذا دخل أحدكم المسجد فليقل: اللهم، افتح لي أبواب رحمتك وإذا خرج فليقل: اللهم، إني أسألك من فضلك" (٥).

ومعناه -والله أعلم -: مهما بلغكم عني من خير فأنا أولاكم به ومهما يكن من مكروه فأنا أبعدكم منه، (وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ [عَنْهُ]) (٦).

وقال قتادة، عن عَزْرَة (٧) عن الحسن العُرَني، عن يحيى بن الجزار، عن مسروق، أن امرأة جاءت ابن مسعود قالت (٨) أتنهى عن الواصلة؟ قال: نعم. فقالت [المرأة] (٩) فلعله في بعض نسائك؟ فقال: ما حفظت إذا وصية العبد الصالح: (وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ).

وقال عثمان بن أبي شيبة: حدثنا جرير، عن أبي سليمان العتبي (١٠) قال: كانت تجيئنا كتب عمر بن عبد العزيز فيها الأمر والنهي، فيكتب في آخرها: وما كانت (١١) من ذلك إلا كما قال العبد الصالح: (وَمَا تَوْفِيقِي إِلا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ).


(١) زيادة من ت، أ، والمسند.
(٢) المسند (٥/ ٢) ورواه أبو داود في السنن برقم (٣٦٣٠) عن عبد الرزاق والترمذي في السنن برقم (١٤١٧) عن ابن المبارك كلاهما من طريق معمر به مختصرا جدا، وقال الترمذي: "حديث بهز عن أبيه عن جده حديث حسن".
(٣) المسند (٣/ ٤٩٧).
(٤) في ت، أ: "وهذا".
(٥) صحيح مسلم برقم (٧١٣).
(٦) زيادة من ت، أ.
(٧) في ت، أ: "عروة".
(٨) في ت: "فقالت".
(٩) زيادة من ت، أ.
(١٠) في ت، أ: "الضبي".
(١١) في ت: "وما كنت"، وفي أ: "وما كتب".