للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثم أخبر أن الكافرين في شك -مما جاءهم به الرسول -قوي، فقال (وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ).

ثم أخبرنا (١) تعالى أنه سيجمع الأولين والآخرين من الأمم، ويجزيهم بأعمالهم، إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، فقال: (وَإِنَّ كُلا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) أي: عليم بأعمالهم جميعها، جليلها وحقيرها، صغيرها وكبيرها.

وفي هذه الآية قراءات كثيرة، ويرجع معناها إلى هذا الذي ذكرناه، كما في قوله تعالى: ﴿وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ﴾ [يس: ٣٢].

﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١١٢) وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ (١١٣)

يأمر تعالى رسوله وعباده المؤمنين بالثبات والدوام على الاستقامة، وذلك من أكبر العون على النصر على الأعداء ومخالفة الأضداد ونهى عن الطغيان، وهو البغي، فإنه مَصرَعة حتى ولو كان على مشرك. وأعلم تعالى أنه بصير بأعمال العباد، لا يغفل عن شيء، ولا يخفى عليه شيء.

وقوله: (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: لا تُدهنُوا وقال العوفي، عن ابن عباس: هو الركون إلى الشرك.

وقال أبو العالية: لا ترضوا أعمالهم.

وقال ابن جُرَيْج، عن ابن عباس: ولا تميلوا إلى الذين ظلموا وهذا القول حسن، أي: لا تستعينوا بالظلمة فتكونوا كأنكم قد رضيتم بباقي صنيعهم، (فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ) أي: ليس لكم من دونه (٢) من ولي ينقذكم، ولا ناصر يخلصكم من عذابه.

﴿وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (١١٤) وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (١١٥)

قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ) قال: يعني الصبح والمغرب وكذا قال الحسن، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم.

وقال الحسن -في رواية -وقتادة، والضحاك، وغيرهم: هي الصبح والعصر.

وقال مجاهد: هي الصبح في أول النهار، والظهر والعصر من آخره. وكذا قال محمد بن كعب القُرَظي، والضحاك في رواية عنه.


(١) في ت، أ: "ثم أخبر".
(٢) في أ: "من دون الله".