للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: (وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ) قال ابن عباس، ومجاهد، والحسن، وغيرهم: يعني صلاة العشاء.

وقال الحسن -في رواية ابن المبارك، عن مبارك بن فَضَالة، عنه: (وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ) يعني المغرب والعشاء قال رسول الله : "هما زُلْفَتَا (١) الليل: المغرب والعشاء" (٢). وكذا قال مجاهد، ومحمد بن كعب، وقتادة، والضحاك: إنها صلاة المغرب والعشاء.

وقد يحتمل أن تكون هذه الآية نزلت قبل فرض الصلوات الخمس ليلة الإسراء؛ فإنه إنما كان يجب من الصلاة صلاتان: صلاة قبل طلوع الشمس، وصلاة قبل غروبها. وفي أثناء الليل قيام عليه وعلى الأمة، ثم نسخ في حق الأمة، وثبت وجوبه عليه، ثم نسخ عنه أيضًا، في قول، والله أعلم.

وقوله: (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ) يقول: إن فعل الخيرات يكفر الذنوب السالفة، كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد وأهل السنن، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قال: كنت إذا سمعتُ من رسول الله حديثا نفعني الله بما شاء أن ينفعني منه، وإذا حدثني عنه أحد استحلفته، فإذا حلف لي صدقته، وحدثني أبو بكر -وصدق أبو بكر -أنه سمع رسول الله يقول: "ما من مسلم يذنب ذنبا، فيتوضأ ويصلي ركعتين، إلا غفر له" (٣).

وفي الصحيحين عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان: أنه توضأ لهم كوضُوء رسول الله ، ثم قال: هكذا رأيتُ رسول الله يتوضأ، وقال: "من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم صلى ركعتين لا يُحَدِّث فيهما نفسه، غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه" (٤).

وروى الإمام أحمد، وأبو جعفر بن جرير، من حديث أبي عَقِيل زُهْرَة بن مَعْبَد: أنه سمع الحارث مولى عثمان يقول: جلس عثمان يوما وجلسنا معه، فجاءه المؤذن فدعا عثمان بماء في إناء أظنه سيكون فيه قدر مُدّ، فتوضأ، ثم قال: رأيت رسول الله يتوضأ وضوئي هذا، ثم قال: "من توضأ وضوئي هذا، ثم قام فصلى (٥) صلاة الظهر، غُفِر له ما كان بينه وبين صلاة الصبح، ثم صلى العصر غفر له ما بينه وبين صلاة الظهر، ثم صلى المغرب غفر له ما بينه وبين صلاة العصر، ثم صلى العشاء غفر له ما بينه وبين صلاة المغرب، ثم لعله يبيت يتمرغ ليلته، ثم إن قام فتوضأ وصلى الصبح غفر له ما بينها وبين صلاة العشاء، وهن الحسنات يذهبن السيئات" (٦).

وفي الصحيح (٧) عن أبي هريرة، ، عن رسول الله أنه قال: "أرأيتم لو أن


(١) في ت: "زلفيا".
(٢) رواه الطبري في تفسيره (١٥/ ٥٠٨).
(٣) المسند (١/ ٢) وسنن أبي داود برقم (١٥٢١) وسنن الترمذي برقم (٤٠٦) والنسائي في السنن الكبرى برقم (١٠٢٤٧) وسنن ابن ماجه برقم (١٣٩٥) وقال الترمذي: "حديث علي حديث حسن، لا نعرفه إلا من هذا الوجه".
(٤) صحيح البخاري برقم (١٥٩) وصحيح مسلم برقم (٢٤٥).
(٥) في ت: "يصلي".
(٦) المسند (١/ ٧١) وتفسير الطبري (١٥/ ٥١١).
(٧) في ت: "وفي الصحيحين".