للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِلَى: {وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} قَالَ: "هَذَا (١) آخِرُ مَا أُنْزِلَ (٢) مِنَ الْقُرْآنِ" قَالَ: فَخَتَمَ بِمَا فُتح بِهِ، بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، وَهُوَ قَوْلُ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الْأَنْبِيَاءِ: ٢٥] (٣) غَرِيبٌ (٤) أَيْضًا.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ، عَنْ أَبِيهِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: أَتَى الْحَارِثُ بْنُ خَزَمة (٥) بِهَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ بَرَاءَةٌ: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: مَنْ مَعَكَ عَلَى هَذَا؟ قَالَ: لَا أَدْرِي، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَشْهَدُ (٦) لَسَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَعَيْتُهَا وَحَفِظْتُهَا. فَقَالَ عُمَرُ: وَأَنَا أَشْهَدُ لَسَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -ثُمَّ قَالَ: لَوْ كَانَتْ ثَلَاثَ آيَاتٍ لَجَعَلْتُهَا سُورَةً عَلَى حِدَةٍ، فَانْظُرُوا سُورَةً مِنَ الْقُرْآنِ، فَضَعُوهَا فِيهَا. فَوَضَعُوهَا فِي آخِرِ بَرَاءَةٌ. (٧)

وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ هُوَ الَّذِي أَشَارَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الصَّدِيقِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، بِجَمْعِ الْقُرْآنِ، فَأَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَجَمَعَهُ. وَكَانَ عُمَرُ يَحْضُرُهُمْ وَهُمْ يَكْتُبُونَ ذَلِكَ. وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّ زَيْدًا قَالَ: فَوَجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ "بَرَاءَةٌ" مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ -أَوْ: أَبِي خُزَيْمَةَ (٨) وَقَدَّمْنَا أَنَّ جَمَاعَةً مِنَ الصَّحَابَةِ تَذَكَّرُوا (٩) ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمَا قَالَ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ حِينَ ابْتَدَأَهُمْ بِهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ عُمَرَ -وَقَالَ: كَانَ مِنْ ثِقَاتِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْمُتَعَبِّدِينَ، عَنْ مُدْرِكِ بْنِ سَعْدٍ -قَالَ يَزِيدُ: شَيْخٌ ثِقَةٌ -عَنْ يُونُسَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: مَنْ قَالَ إِذَا أَصْبَحَ وَإِذَا أَمْسَى: حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ، وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، سَبْعَ مَرَّاتٍ، إِلَّا كَفَاهُ اللَّهُ مَا أَهَمَّهُ. (١٠) (١١)

وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَرْجَمَةِ "عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ عُمَرَ" هَذَا، مِنْ رِوَايَةِ أَبَى زُرْعَة الدِّمَشْقِيِّ، عَنْهُ، عَنْ أَبِي سَعْدٍ مُدْرِك بْنِ أَبِي سَعْدٍ الْفَزَارِيِّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ مَيْسَرَةَ بْنِ حُلَيْسٍ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، سَمِعْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ يَقُولُ: مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ: حَسْبِيَ اللَّهُ، لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ، وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، سَبْعَ مَرَّاتٍ، صَادِقًا كَانَ بِهَا أَوْ كَاذِبًا، إِلَّا كَفَاهُ اللَّهُ مَا هَمَّه. (١٢)

وَهَذِهِ زِيَادَةٌ غَرِيبَةٌ. ثُمَّ رَوَاهُ فِي تَرْجَمَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ أَبِي مُحَمَّدٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ عُمَرَ، بِسَنَدِهِ فَرَفَعَهُ (١٣) فَذَكَرَ مِثْلَهُ بِالزِّيَادَةِ. وَهَذَا مُنْكَرٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

آخِرُ سُورَةِ بَرَاءَةٌ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وحده. (١٤)


(١) في أ: "إن هذا".
(٢) في أ: "ما نزل".
(٣) في أ: "إلا نوحي".
(٤) زوائد المسند (٥/١٣٤) .
(٥) في ك: "خزيمة".
(٦) في أ: "أشهد".
(٧) المسند (١/١٩٩) .
(٨) صحيح البخاري برقم (٤٦٧٩) .
(٩) في ك، أ: "يذكروا".
(١٠) في ك: "ما يغمه".
(١١) سنن أبي داود برقم (٥٠٨١) .
(١٢) تاريخ دمشق (١٠/٢٩١ "المخطوط") .
(١٣) تاريخ دمشق (١٠/٣١٢ "المخطوط") .
(١٤) جاء في ك: [رابع عشر من ربيع الأول سنة ثمانين في سبع من الهجرة النبوية، وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم] .

<<  <  ج: ص:  >  >>