للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جَاءَنَا فَسَأَلَنَا فَأَعْطَيْنَاهُ، فَقَالَ مَا قَالَ، وَإِنَّا قَدْ دَعَوْنَاهُ فَأَعْطَيْنَاهُ فَزَعَمَ أَنَّهُ قَدْ رَضِيَ، [كَذَلِكَ يَا أَعْرَابِيُّ؟] (١) قَالَ الْأَعْرَابِيُّ: نَعَمْ، فَجَزَاكَ اللَّهُ مِنْ أَهْلٍ وَعَشِيرَةٍ خَيْرًا. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ مَثَلِي وَمَثَلَ هَذَا الْأَعْرَابِيِّ كَمَثَلِ رَجُلٍ كَانَتْ لَهُ نَاقَةٌ، فَشَرَدَتْ عَلَيْهِ، فَاتَّبَعَهَا النَّاسُ فَلَمْ يَزِيدُوهَا إِلَّا نُفُورًا. فَقَالَ لَهُمْ صَاحِبُ النَّاقَةِ: خَلُّوا بَيْنِي وَبَيْنَ نَاقَتِي، فَأَنَا أَرْفَقُ بِهَا، وَأَعْلَمُ بِهَا. فَتَوَجَّهَ إِلَيْهَا وَأَخْذَ لَهَا (٢) مِنْ قَتَام الْأَرْضِ، وَدَعَاهَا حَتَّى جَاءَتْ وَاسْتَجَابَتْ، وَشَدَّ عَلَيْهَا رحْلها وَإِنَّهُ لَوْ أَطَعْتُكُمْ حَيْثُ قَالَ مَا قَالَ لَدَخَلَ النَّارَ". ثُمَّ قَالَ الْبَزَّارُ: لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. (٣)

قُلْتُ: وَهُوَ ضَعِيفٌ بِحَالِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَوْلُهُ: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ. وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ} [الشُّعَرَاءِ: ٢١٥-٢١٧] .

وَهَكَذَا أَمَرَهُ تَعَالَى.

وَهَذِهِ (٤) الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ، وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِنْ تَوَلَّوْا} أَيْ: تَوَلَّوْا عَمَّا جِئْتَهُمْ بِهِ مِنَ الشَّرِيعَةِ الْعَظِيمَةِ الْمُطَهَّرَةِ الْكَامِلَةِ الشَّامِلَةِ، {فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ} أَيْ: اللَّهُ كافيَّ، لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلا} [الْمُزَّمِّلِ: ٩] .

{وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} أَيْ: هُوَ مَالِكُ كُلِّ شَيْءٍ وَخَالِقِهِ، لِأَنَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، الَّذِي هُوَ سَقْفُ المخلوقات وجميع الخلائق من السموات وَالْأَرْضِينَ وَمَا فِيهِمَا وَمَا بَيْنَهُمَا تَحْتَ الْعَرْشِ مَقْهُورُونَ بِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَعِلْمُهُ مُحِيطٌ بِكُلِّ شَيْءٍ، وَقَدَره نَافِذٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٍ.

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ (٥) الْإِمَامِ أَحْمَدَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَان، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ مِنَ الْقُرْآنِ هَذِهِ الْآيَةُ: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} إِلَى آخِرِ السُّورَةِ. (٦)

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْإِمَامِ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ شَقِيقٍ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ أَنَّهُمْ جَمَعُوا الْقُرْآنَ فِي مَصَاحِفَ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَكَانَ رِجَالٌ يَكْتُبُونَ وَيُمْلِي عَلَيْهِمْ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَى هَذِهِ الْآيَةِ مِنْ سُورَةِ بَرَاءَةٌ: {ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ} [التَّوْبَةِ: ١٢٧] ، فَظَنُّوا أَنَّ هَذَا آخَرُ مَا أُنْزِلَ (٧) مِنَ الْقُرْآنِ. فَقَالَ لَهُمْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْرَأَنِي بَعْدَهَا آيَتَيْنِ: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}


(١) زيادة من ت، ك، أ، والبزار.
(٢) في ت، أ: "فأخذها".
(٣) مسند البزار برقم (٢٤٧٦) "كشف الأستار" وقال الهيثمي في المجمع (٩/١٥) : "وفيه إبراهيم بن الحكم بن أبان وهو متروك".
(٤) في ت، ك، أ: "في هذه".
(٥) ساقطة من النسخ.
(٦) زوائد المسند (٥/١١٧) وقال الهيثمي في المجمع (٧/٣٦) : "وفيه علي بن زيد بن جدعان وهو ثقة سيئ الحفظ، وبقية رجاله ثقات" قلت: أجمع الأئمة على تضعيف علي بن زيد بن جدعان.
(٧) في أ: "ما نزل".

<<  <  ج: ص:  >  >>