للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

نعم، اكتب أراحنا الله منه، فبئس القرين. ما أقل مراقبته لله وأقل استحياءه منا". يقول الله: ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ [ق: ١٨] وملكان من بين يديك ومن خلفك، يقول الله: (لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ) وملك قابض على ناصيتك، فإذا تواضعت لله رفعك، وإذا تجبرت على الله قصمك، وملكان على شفتيك، ليس يحفظان عليك إلا الصلاة على محمد ، وملك قائم على فيك لا يَدَع الحية أن تدخل في فيك، وملكان على عينيك فهؤلاء عشرة أملاك على كل آدمي (١) ينزلون (٢) ملائكة الليل على ملائكة النهار؛ لأن ملائكة الليل سوى ملائكة النهار، فهؤلاء عشرون ملكا على كل آدمي وإبليس بالنهار وولده بالليل" (٣).

قال الإمام أحمد، : حدثنا أسود بن عامر، حدثنا سفيان، حدثني منصور، عن سالم بن أبي الجعد عن أبيه، عن عبد الله قال: قال رسول الله : "ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن وقرينه من الملائكة". قالوا: وإياك يا رسول الله، قال: "وإياي، ولكن أعانني الله عليه (٤) فلا يأمرني إلا بخير".

انفرد بإخراجه مسلم (٥).

وقوله: (يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ) قيل: المراد حفظُهم له من أمر الله. رواه علي بن أبي طلحة، وغيره، عن ابن عباس. وإليه ذهب مجاهد، وسعيد بن جبير، وإبراهيم النَّخَعي، وغيرهم.

وقال قتادة: (يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ) قال: وفي بعض القراءات: "يحفظونه بأمر الله".

وقال كعب الأحبار: لو تجلَّى لابن آدم كل سهل وحزن، لرأى كل شيء من ذلك شياطين (٦) لولا أن الله وكَّل بكم ملائكة عنكم في مطعمكم ومشربكم وعوراتكم، إذا لتُخُطّفتم.

وقال أبو أمامة (٧) ما من آدمي إلا ومعه ملك يَذُود عنه، حتى يسلمه للذي قدر له.

وقال أبو مِجْلَز: جاء رجل من مُرَاد إلى علي، ، وهو يصلي، فقال: احترس، فإن ناسًا من مراد يريدون قتلك. فقال: إن مع كل رجل ملكين يحفظانه مما لم يقدّر، فإذا جاء القَدَرُ خَليا بينه وبينه، وإن الأجل جنة حَصِينة. (٨)

وقال بعضهم: (يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ) بأمر الله، كما جاء في الحديث أنهم قالوا: يا رسول الله، أرأيت رُقَى نسترقي بها، هل ترد من قَدَر الله شيئا؟ فقال: "هي من قَدَر الله" (٩).


(١) في ت، أ: "على كل بني آدم".
(٢) في ت، أ: "يبدلون".
(٣) تفسير الطبري (١٦/ ٣٧٠).
(٤) في ت، أ: "ولكن الله أعانني عليه".
(٥) المسند (١/ ٣٩٧) وصحيح مسلم برقم (٢٨١٤)
(٦) في ت، أ: "من ذلك ساء نفسه".
(٧) في أ: "أبو أسامة".
(٨) رواه الطبري في تفسيره (١٦/ ٣٧٨).
(٩) رواه الترمذي في السنن برقم (٢٠٦٥) من حديث أبي خزامة وقال: "حديث حسن".