للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَجَلَّ: {أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ}

وَقَوْلُهُ: {أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ} اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ [عِنْدَ رَبِّهِمْ] } (١) يَقُولُ: سَبَقَتْ لَهُمُ السَّعَادَةُ فِي الذِّكْرِ الْأَوَّلِ.

وَقَالَ الْعَوْفِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ} يَقُولُ: أَجْرًا حَسَنًا، بِمَا قَدَّمُوا. وَكَذَا قَالَ الضَّحَّاكُ، وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ. وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا} [الْكَهْفِ: ٢، ٣]

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ} قَالَ: الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ صَلَاتُهُمْ وَصَوْمُهُمْ وَصَدَقَتُهُمْ وَتَسْبِيحُهُمْ.

[وَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ قَتَادَةَ أَوِ الْحَسَنِ {أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ] } (٢) قَالَ: مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَفِيعٌ لَهُمْ. وَكَذَا قَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ.

وَقَالَ قَتَادَةُ: سَلفُ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ.

وَاخْتَارَ ابْنُ جَرِيرٍ قَوْلَ مُجَاهِدٍ -أَنَّهَا الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ الَّتِي قَدَّمُوهَا -قَالَ: كَمَا يُقَالُ: "لَهُ قَدَمٌ فِي الْإِسْلَامِ" وَمِنْهُ قَوْلُ [حَسَّانَ] (٣) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

لَنَا القَدَمُ (٤) العُليا إِلَيْكَ وخَلْفُنا لأوَّلِنا فِي طاعَة اللهِ تَابعُ ...

وَقَوْلُ ذِي الرُّمة:

لكُم قَدَمٌ لَا يُنْكرُ الناسُ أَنَّهَا ... مَعَ الحسَبِ العَادِيّ طَمَّت عَلَى البَحْرِ (٥)

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ} (٦) أَيْ: مَعَ أَنَّا بَعَثْنَا إِلَيْهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ، رَجُلًا مِنْ جِنْسِهِمْ، بَشِيرًا وَنَذِيرًا، {قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ} (٧) أَيْ: ظَاهِرٌ، وَهُمُ الْكَاذِبُونَ فِي ذَلِكَ.

{إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (٣) }

يُخْبِرُ تَعَالَى أنه رب العالم جميعه، وَأَنَّهُ خَلَق السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ -قِيلَ: كَهَذِهِ الْأَيَّامِ، وَقِيلَ: كُلُّ يَوْمٍ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ. كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ [إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى] (٨) ثم استوى


(١) زيادة من ت، أ.
(٢) زيادة من ت.
(٣) زيادة من ت، أ.
(٤) في ت: "قدم".
(٥) تفسير الطبري (١٥/١٦) .
(٦) في ت: "لسحر".
(٧) في ت: "لسحر".
(٨) زيادة من أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>