للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ) وفي ذلك يقول لبيد بن ربيعة، أخو أربد يرثيه:

أخشَى عَلَى أَرْبَدَ الحُتُوفَ وَلا … أرْهَب نَوء السّماك والأسَد

فَجَعني الرّعْدُ والصّواعِقُ بالـ … فارس يَوم الكريهَة النَّجُدِ (١)

وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني: حدثنا مَسْعَدة بن سعد (٢) العطار، حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي، حدثني عبد العزيز بن عمران، حدثني عبد الرحمن وعبد الله ابنا زيد بن أسلم، عن أبيهما، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس، أن أربد بن قيس بن جَزْء بن جليد (٣) بن جعفر بن كلاب، وعامر بن الطفيل بن مالك، قدما المدينة على رسول الله ، فانتهيا إليه وهو جالس، فجلسا بين يديه، فقال عامر بن الطفيل: يا محمد، ما تجعل لي إن أسلمتُ؟ فقال رسول الله : "لك ما للمسلمين، وعليك ما عليهم". قال عامر بن الطفيل: أتجعل لي الأمر إن أسلمت من بعدك؟ قال رسول الله : "ليس ذلك لك ولا لقومك، ولكن لك أعنَّة الخيل". قال: أنا الآن في أعنَّة خيل نجد، اجعل لي الوبَرَ ولك المدَرَ. قال رسول الله: "لا". فلما قفلا من عنده قال عامر: أما والله لأملأنَّهَا عليك خيلا ورجالا فقال له رسول الله : "يمنعك الله". فلما خرج أربد وعامر، قال عامر: يا أربد، أنا أشغل عنك محمدا بالحديث، فاضربه بالسيف، فإن الناس إذا قتلت محمدا لم يزيدوا على أن يَرضَوا بالدية، ويكرهوا الحرب، فنعطيهم (٤) الدية. قال أربد: أفعل. فأقبلا راجعين إليه، فقال عامر: يا محمد، قم معي أكلمك. فقام معه رسول الله ، فجلسا إلى الجدار، ووقف معه رسول الله يكلمه، وسَلّ أربدُ السيف، فلما وضع يده على السيف يبست يده على قائم السيف، فلم يستطع سل السيف، فأبطأ أربد على عامر بالضرب، فالتفت رسول الله فرأى أربد، وما يصنع، فانصرف عنهما. فلما خرج عامر وأربد من عند رسول الله حتى إذا كانا بالحَرّة، حَرّة واقم نزلا فخرج إليهما سعد بن معاذ وأسَيد بن حضير فقالا اشخصا يا عدوّي الله، لعنكما الله. فقال عامر: من هذا يا سعد؟ قال: هذا أسَيد بن حُضَير الكتائب (٥) فخرجا حتى إذا كانا بالرَّقم، أرسل الله على أربدَ صاعقة فقتلته، وخرج عامر حتى إذا كان بالخريم، أرسل الله قرحة فأخذته فأدركه الليل في بيت امرأة من بني سلول، فجعل يمس قرحته في حلقه ويقول: غدة كغدة الجمل في بيت سَلُولية (٦) ترغب أن يموت في بيتها! ثم ركب فرسه فأحضره حتى مات عليه راجعا، فأنزل الله فيهما: ﴿اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ﴾ إلى قوله: ﴿وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ﴾ [الرعد: ٨ - ١١]-قال: المعقبات من أمر الله يحفظون محمدًا ، ثم ذكر أربد وما قتله به، فقال: (وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ) الآية (٧).


(١) رواه الطبري في تفسيره (١٦/ ٣٧٩ - ٣٨٢) عن ابن زيد.
(٢) في هـ، ت: "سعيد" وما أثبتناه هو الصواب؛ لوقوعه في المعجم الكبير والصغير هكذا، ولم أجد له ترجمة.
(٣) في أ: "خالد".
(٤) في ت، أ: "فستعطيهم".
(٥) في ت، أ: "الكاتب".
(٦) في ت: "سلولته".
(٧) المعجم الكبير (١٠/ ٣٧٩ - ٣٨١) وفيه عبد العزيز بن عمران، وعبد الرحمن وعبد الله ابنا زيد بن أسلم، وكلهم ضعاف.