للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: (وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ) أي: يَشُكّون في عظمته، وأنه لا إله إلا هو، (وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ)

قال ابن جرير: شديدة مماحَلَته في عقوبة من طغى عليه وعتا وتمادى في كفره.

وهذه الآية شبيهة بقوله: ﴿وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ * فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [النمل: ٥٠، ٥١].

وعن علي، : (وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ) أي: شديد الأخذ. وقال مجاهد: شديد القوة.

﴿لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ (١٤)

قال علي بن أبى طالب، : (لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ) قال: التوحيد. رواه ابن جرير.

وقال ابن عباس، وقتادة، ومالك عن محمد بن المنْكَدِر: (لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ) [قال] (١) لا إله إلا الله.

(وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ) (٢) أي: ومثل الذين يعبدون آلهة غير الله. (كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ) قال علي بن أبي طالب: كمثل الذي يتناول الماء من طرف البئر بيده، وهو لا يناله أبدا بيده، فكيف يبلغ فاه؟.

وقال مجاهد: (كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ) يدعو الماء بلسانه، ويشير إليه [بيده] (٣) فلا يأتيه أبدا.

وقيل: المراد كقابض يده على الماء، فإنه لا يحكم منه على شيء، كما قال الشاعر: (٤)

فَإنّي وَإيَّاكُمْ وَشَوْقًا إليكمُ … كَقَابض مَاء لَم تَسْقه (٥) أناملُه

وقال الآخر: (٦)

فأصْبَحتُ ممَّا كانَ بَيْنِي وَبَيْنَها … مِن الوُدّ مِثْلَ القابضِ المَاءَ بِاليَد

ومعنى الكلام: أن هذا الذي يبسط يده إلى الماء، إما قابضا وإما متناولا له من بُعد، كما أنه لا


(١) زيادة من ت، أ.
(٢) في ت: "تدعون".
(٣) زيادة من ت، أ، والطبري.
(٤) هو ضابئ بن الحارث البرجمي، والبيت في تفسير الطبري (١٦/ ٣٩٩) وأورده البغدادي في خزانة الأدب (٤/ ٨٠) من أبيات سبعة قالها في الحبس. اهـ مستفادا من حاشية الشعب.
(٥) في ت: "يسقه".
(٦) هو الأحوص بن محمد الأنصاري، والبيت في تفسير الطبري (١٦/ ٤٠٠).