للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

نعم، والذي نفس محمد بيده، [إن الرجل من أهل الجنة] (١) ليعطى قوة مائة رجل في الأكل والشرب والجماع والشهوة". قال: فإن الذي يأكل ويشرب تكون له الحاجة، وليس في الجنة أذى؟ قال: "حاجة أحدهم رشح يفيض من جلودهم، كريح المسك، فيضمر بطنه". (٢)

وقال الحسن بن عرفة: حدثنا خلف بن خليفة، عن حميد الأعرج، عن عبد الله بن الحارث، عن عبد الله بن مسعود، ، قال: قال لي رسول الله : "إنك لتنظر إلى الطير في الجنة، فيخر بين يديك مشويا" (٣) (٤).

وجاء في بعض الأحاديث: أنه إذا فُرغ منه عاد طائرًا كما كان بإذن الله تعالى.

وقد قال تعالى: ﴿وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ * لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ﴾ [الواقعة: ٣٢، ٣٣] وقال ﴿وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلا﴾ [الإنسان: ١٤].

وكذلك ظلها لا يزول ولا يقلص، كما قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلا ظَلِيلا﴾ [النساء: ٥٧].

وقد تقدم في الصحيحين من غير وجه أن رسول الله قال: "إن في الجنة شجرة، يسير الراكب المجد الجواد المضمر السريع في ظلها مائة عام لا يقطعها"، ثم قرأ: ﴿وَظِلٍّ مَمْدُودٍ﴾ [الواقعة: ٣٠].

وكثيرا ما يقرن الله تعالى بين صفة الجنة وصفة النار، ليرغب في الجنة ويحذّر من النار؛ ولهذا لما ذكر صفة الجنة بما ذكر، قال بعده: (تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ) كما قال تعالى: ﴿لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ [الحشر: ٢٠].

وقال بلال بن سعد خطيب دمشق في بعض خطبه: عباد الله (٥) هل جاءكم مخبر يخبركم أن شيئا من عبادتكم (٦) تقبلت منكم، أو أن شيئا من خطاياكم غفرت لكم؟ ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ﴾ [المؤمنون: ١١٥] (٧) والله لو عُجِّل لكم الثواب في الدنيا لاستقللتم كلكم ما افترض عليكم، أو ترغبون (٨) في طاعة الله لتعجيل دنياكم، ولا تنافسون في جنة (أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ) رواه ابن أبي حاتم.


(١) زيادة من ت، أ، والمسند.
(٢) المسند (٤/ ٣٦٧).
(٣) في ت: "مستويا".
(٤) جزء الحسن بن عرفة برقم (٢٢) وحميد الأعرج ضعيف وأورد الذهبي هذا الحديث في الميزان (١/ ٦١٤) من جملة مناكيره.
(٥) في أ: "الرحمن".
(٦) في ت، أ: "أعمالكم".
(٧) في ت: "أم حسبتم" وهو خطأ.
(٨) في ت، أ: "أترغبون".