للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هم فيه من الشرك والعناد والإلحاد، الذي يستحقون به الهلاك.

﴿وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (٦) لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٧) مَا نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ (٨) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩)

يخبر تعالى عن كفرهم وعتوهم وعنادهم في قولهم: (يَا أَيُّهَا الَّذِي نزلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ) أي: الذي يدعي ذلك (إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ) أي: في دعائك إيانا إلى اتباعك وترك ما وجدنا عليه آباءنا. (لَوْ مَا) أي: هلا (تَأْتِينَا بِالْمَلائِكَةِ) أي: يشهدون لك بصحة ما جئت به (إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) كما قال فرعون: (فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسَاوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ) [الزخرف: ٥٣] ﴿وَقَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا * يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا﴾ [الفرقان: ٢١، ٢٢]

وكذا (١) قال في هذه الآية: (مَا نُنزلُ الْمَلائِكَةَ إِلا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ)

وقال مجاهد في قوله: (مَا نُنزلُ الْمَلائِكَةَ إِلا بِالْحَقِّ) بالرسالة والعذاب.

ثم قرر تعالى أنه هو الذي أنزل الذكر، وهو القرآن، وهو الحافظ له من التغيير والتبديل.

ومنهم من أعاد الضمير في قوله تعالى: (لَهُ لَحَافِظُونَ) على النبي ، كقوله: ﴿وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾ [المائدة: ٦٧] والمعنى الأول أولى، وهو ظاهر السياق، [والله أعلم] (٢)

﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الأَوَّلِينَ (١٠) وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (١١) كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (١٢) لا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ (١٣)

يقول تعالى مسليًا لرسوله في تكذيب من كذَّبه من كفار قريش: إنه أرسل من قَبْله في الأمم الماضية، وإنه ما أتى أمة رسول إلا كذبوه واستهزؤوا به.

ثم أخبر أنه سلك التكذيب في قلوب المجرمين الذين عاندوا واستكبروا عن اتباع الهدى.

قال أنس، والحسن البصري: (كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ) يعني: الشرك.

وقوله: (وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الأوَّلِينَ) أي: قد علم ما فعل تعالى بمن كذب رسله من الهلاك والدمار، وكيف أنجى الله الأنبياء وأتباعهم في الدنيا والآخرة.


(١) في ت، أ: "وهكذا".
(٢) زيادة من أ.