للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال ابن عباس: ﴿لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ﴾ أي: ثياب، والمنافع: ما تنتفعون به من الأطعمة والأشربة.

وقال عبد الرزاق: أخبرنا إسرائيل، عن سِمَاك، عن عكرمة، عن ابن عباس: ﴿دِفْءٌ وَمَنَافِعُ﴾ نسل كل دابة.

وقال مجاهد: ﴿لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ﴾ قال: لباس ينسج، ومنافع تُركَبُ، ولحم ولبن.

وقال قتادة: ﴿دِفْءٌ وَمَنَافِعُ﴾ يقول: لكم فيها لباس، ومنفعة، وبُلْغة.

وكذا قال غير واحد من المفسرين، بألفاظ متقاربة.

﴿وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ (٨)

هذا صنف آخر مما خلق لعباده، يمتن به عليهم، وهو: الخيل والبغال والحمير، التي جعلها للركوب والزينة بها، وذلك أكبر المقاصد منها، ولما فَصَلها من الأنعام وأفردها بالذكر استدل من استدل من العلماء -ممن ذهب إلى تحريم لحوم الخيل -بذلك على ما ذهب إليه فيها، كالإمام أبي حنيفة، (١) ومن وافقه من الفقهاء (٢)؛ لأنه تعالى قرنها بالبغال والحمير، وهي حرام، كما ثبتت به السنة النبوية، وذهب إليه أكثر العلماء.

وقد روى الإمام أبو جعفر بن جرير: حدثني يعقوب، حدثنا ابن عُلَيَّة، أنبأنا هشام الدَّسْتُوَائي، حدثنا يحيى بن أبي كثير، عن مولى نافع بن علقمة، أن ابن عباس كان يكره لحوم الخيل والبغال والحمير، وكان يقول: قال الله: ﴿وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ﴾ فهذه للأكل، (وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا) فهذه للركوب (٣).

وكذا روي من طريق سعيد بن جُبَير وغيره، عن ابن عباس، بمثله. وقال مثل ذلك الحكم بن عتيبة (٤) (٥) أيضا، واستأنسوا بحديث رواه الإمام أحمد في مسنده:

حدثنا يزيد بن عبد ربه، حدثنا بَقِيَّة بن الوليد، حدثنا ثور بن يزيد، عن صالح بن يحيى بن المقدام بن معد يكرب، عن أبيه، عن جده، عن خالد بن الوليد، ، قال: نهى رسول الله عن أكل لحوم الخيل، والبغال، والحمير.

وأخرجه أبو داود والنسائي، وابن ماجه، من حديث صالح بن يحيى بن المقدام -وفيه كلام- به (٦).

ورواه أحمد أيضا من وجه آخر بأبسط من هذا وأدل منه فقال:


(١) في ف، أ: "رحمة الله عليه".
(٢) في ت: "العلماء".
(٣) تفسير الطبري (١٤/ ٥٧).
(٤) في ت، ف، أ: "عيينة".
(٥) في ت: "".
(٦) المسند (٤/ ٨٩) وسنن أبي داود برقم (٣٧٩٠) وسنن النسائي (٧/ ٢٠٢) وسنن ابن ماجة برقم (٣١٩٨).