للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حدثنا أحمد بن عبد الملك، حدثنا محمد بن حرب، حدثنا سليمان بن سليم، عن صالح بن يحيى بن المقدام، عن جده المقدام بن معد يكرب قال: غزونا مع خالد بن الوليد الصائفة، فقَرِم (١) أصحابنا إلى اللحم، فسألوني رَمَكة، فدفعتها إليهم فَحبَلوها وقلت (٢): مكانكم حتى آتي خالدًا فأسأله. فأتيته فسألته، فقال: غزونا مع رسول الله غزوة خيبر، فأسرع الناس في حظائر يهود، فأمرني أن أنادي: "الصلاة جامعة، ولا يدخل الجنة إلا مسلم" ثم قال: "أيها الناس، إنكم قد أسرعتم في حظائر يهود، ألا لا تحل (٣) أموال المعاهدين إلا بحقها، وحرام عليكم لحوم الأتن (٤) الأهلية وخيلها وبغالها، وكل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير" (٥).

والرمكة: هي الحِجْرَة. وقوله: حَبَلوها، أي: أوثقوها في الحبل ليذبحوها. والحظائر: البساتين القريبة من العمران.

وكأن هذا الصنيع وقع بعد إعطائهم العهد ومعاملتهم على الشطر، والله أعلم.

فلو صحّ هذا الحديث لكان نصًا في تحريم لحوم الخيل، ولكن لا يقاوِمُ ما ثبت في الصحيحين، عن جابر بن عبد الله قال: نهى رسول الله عن لحوم الحمر الأهلية، وأذن في لحوم الخيل (٦).

ورواه الإمام أحمد وأبو داود بإسنادين، كل منهما على شرط مسلم، عن جابر قال: ذبحنا يوم خيبر الخيل والبغال والحمير، فنهانا رسول الله عن البغال والحمير، ولم ينهنا عن الخيل (٧).

وفي صحيح مسلم، عن أسماء بنت أبي بكر، ، قالت: نحرنا على عهد رسول الله فرسا فأكلناه ونحن بالمدينة (٨).

فهذه أدل وأقوى وأثبت، وإلى ذلك صار جمهورُ العلماء: مالك، والشافعي، وأحمد، وأصحابهم، وأكثر السلف والخلف، والله أعلم.

وقال عبد الرزاق: أنبأنا ابن جُرَيْج، عن ابن أبي مُلَيْكَة، عن ابن عباس قال: كانت الخيل وحشية، فذللها الله لإسماعيل بن إبراهيم، .

وذكر وهب بن منبه في إسرائيلياته: أن الله خلق الخيل من ريح الجنوب، والله (٩) أعلم.

فقد دل النص على جواز ركوب هذه الدواب، ومنها البغال. وقد أهديت إلى رسول الله بغلة، فكان يركبها، مع أنه قد نَهَى عن إنزاء الحمر على الخيل لئلا ينقطع النسل.

قال الإمام أحمد: حدثني محمد بن عبيد، حدثنا عمر من آل حذيفة، عن الشعبي، عن دَحْية الكلبي قال: قلت: يا رسول الله، ألا أحمل لك حمارًا على فرس، فتنتج لك بغلا فتركبها؟ قال: "إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون" (١٠).


(١) في ت: "فغرم".
(٢) في أ: "فقلت".
(٣) في ف: "لا يحل".
(٤) في ت، ف: "الحمر".
(٥) المسند (٤/ ٨٩).
(٦) صحيح البخاري برقم (٤٢١٩، ٥٥٢٤). وصحيح مسلم برقم (١٩٤١).
(٧) المسند (٣/ ٣٥٦) وسنن أبي داود برقم (٣٧٨٩).
(٨) صحيح مسلم برقم (١٩٤٢).
(٩) في ت: "فالله".
(١٠) المسند (٤/ ٣١١).