للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ما خلق في الأرض من الأمور العجيبة والأشياء المختلفة، من الحيوانات والمعادن والنباتات (١) [والجمادات] (٢) على اختلاف ألوانها وأشكالها، وما فيها من المنافع والخواص (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ) أي: آلاء الله ونعمه فيشكرونها.

﴿وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٤)

يخبر تعالى عن تسخيره (٣) البحر المتلاطم الأمواج، ويمتن على عباده بتذليله لهم، وتيسيره للركوب فيه، وجعله السمك والحيتان فيه، وإحلاله (٤) لعباده لحمها حيها وميتها، في الحل والإحرام (٥) وما يخلقه فيه من اللآلئ والجواهر النفيسة، وتسهيله للعباد استخراجها من قرارها حلية يلبسونها، وتسخيره البحر لحمل (٦) السفن التي تمخره، أي: تشقه.

وقيل: تمخر الرياح، وكلاهما صحيح بجؤجئها وهو صدرها المسنَّم -الذي أرشد العباد إلى صنعتها، وهداهم إلى ذلك، إرثا عن أبيهم نوح، ؛ فإنه أول من ركب السفن، وله كان تعليم صنعتها، ثم أخذها الناس عنه قرنًا بعد قرن، وجيلا بعد جيل، يسيرون من قطر إلى قطر، وبلد إلى بلد، وإقليم إلى إقليم، تجلب ما هنا إلى هنالك، وما هنالك إلى هنا (٧)؛ ولهذا قال تعالى: (وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) أي: نعمه وإحسانه.

وقد قال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده: وجدت في كتابي عن محمد بن معاوية (٨) البغدادي: حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن [عمر، عن] (٩) سُهَيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة [رفعه] (١٠) قال: كلم الله هذا البحر الغربي، وكلم البحر الشرقي، فقال للبحر الغربي: إني حامل فيك عبادًا من عبادي، فكيف أنت صانع فيهم (١١)؟ قال: أغرقهم. فقال: بأسك في نواحيك. وأحملهم على يدي. وحَرّمه الحلية والصيد. وكلم هذا البحر الشرقي فقال: إني حامل فيك عبادًا من عبادي، فما أنت صانع بهم؟ فقال: أحملهم على يدي، وأكون لهم (١٢) كالوالدة لولدها. فأثابه الحلية والصيد (١٣).


(١) في أ: "والنبات".
(٢) زيادة من ف، أ.
(٣) في أ: تسخير".
(٤) في ت: "وإجلاله".
(٥) في أ: "والحرم".
(٦) في ت: "كحمل".
(٧) في ف، أ: "تجلب ما هاهنا إلى هناك وما هناك إلى هاهنا".
(٨) في ت: "معاوية بن محمد".
(٩) زيادة من ف، أ، ومسند البزار.
(١٠) زيادة من مسند البزار.
(١١) في ت، ف، أ: "بهم".
(١٢) في ف: "بهم".
(١٣) مسند البزار برقم (١٦٦٩) "كشف الأستار" وقال الهيثمي في المجمع (٥/ ٢٨١): "رواه البزار وجادة، وفيه عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر العمري وهو متروك". ورواه الخطيب البغدادي في تاريخه (١٠/ ٢٣٣، ٢٣٤) من هذا الطريق قال: "وتابعه أبو عبيد الله أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، فرواه عن عمه عبد الله بن وهب، عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن سهيل عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن كعب الأحبار، وخالفهما خالد بن عبد الله الواسطي، فرواه عن سهيل عن النعمان بن أبي عياش الزرقي عن عبد الله بن عمرو موقوفا لم يجاوزه، ورفعه غير ثابت".