للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثم قال البزار: لا نعلم من رواه عن سهيل غير عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر (١) وهو منكر الحديث. وقد رواه سهيل عن النعمان بن أبي عياش (٢) عن عبد الله بن عمرو (٣) موقوفا (٤).

﴿وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٥) وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ (١٦) أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (١٧) وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١٨)

ثم ذكر تعالى الأرض، وما جعل فيها من الرواسي الشامخات والجبال الراسيات، لتقر الأرض ولا تميد، أي: تضطرب بما عليها من الحيوان فلا يهنأ لهم عيش بسبب ذلك؛ ولهذا قال: ﴿وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا﴾ [النازعات: ٣٢].

وقال عبد الرزاق: أنبأنا مَعْمَر، عن قتادة، سمعت الحسن يقول: لما خُلقت الأرض كانت تميد، فقالوا ما هذه بمقرّة على ظهرها أحدًا فأصبحوا وقد خُلقت الجبال، لم (٥) تدر الملائكة مِمّ خلقت الجبال (٦).

وقال سعيد عن قتادة، عن الحسن، عن قيس بن عُبَادة: أن الله تعالى لما خلق الأرض، جعلت تمور، فقالت الملائكة: ما هذه بمقرّة على ظهرها أحدًا، فأصبحت صبحا وفيها رواسيها.

وقال ابن جرير: حدثني المثنى، حدثنا حجاج بن مِنْهَال، حدثنا حماد، عن عطاء بن السائب، عن عبد الله بن حَبِيب، عن علي بن أبي طالب (٧)، ، قال: لما خلق الله الأرض قمصت وقالت: أي رَب، تجعل عليَّ بني آدم يعملون عليّ الخطايا ويجعلون عليّ الخبث؟ قال: فأرسى الله فيها من الجبال ما ترون وما لا ترون، فكان إقرارها كاللحم يترجرج. (٨) (٩).

وقوله: (وَأَنْهَارًا وَسُبُلا) أي: وجعل فيها أنهارًا تجري من مكان إلى مكان آخر، رزقًا للعباد، ينبع في موضع وهو رزق لأهل موضع آخر، فيقطع البقاع والبراري والقفار، ويخترق (١٠) الجبال والآكام، فيصل إلى البلد الذي سُخِّر لأهله. وهي سائرة في الأرض يمنة ويسرة، وجنوبًا وشمالا وشرقًا وغربًا، ما بين صغار وكبار، وأودية تجري حينًا وتنقطع (١١) في وقت، وما بين نبع وجمع،


(١) في ف: "عمرو".
(٢) في أ: "عباس".
(٣) في ت، أ، هـ: "عمر" وهو خطأ.
(٤) رواه الخطيب البغدادي في تاريخه (١٠/ ٢٣٤) من طريق سعيد بن منصور، عن خالد بن عبد الله، عن سهيل بن أبي صالح به. وقال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (١/ ٢٠): "قلت: الموقوف على عبد الله بن عمرو بن العاص أشبه، فإنه قد كان وجد يوم اليرموك زاملتين مملوءتين كتبا من علوم أهل الكتاب، فكان يحدث منهما بأشياء كثيرة من الإسرائيليات منها المعروف والمشهور والمنكور والمردود، فأما المعروف فتفرد به عبد الرحمن بن عبد الله بن عمرو بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب أبو القاسم المدني قاضيها. قال فيه الإمام أحمد: ليس بشيء وقد سمعته منه، ثم مزقت حديثه كان كذابا وأحاديثه مناكير. وكذا ضعفه ابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم والجوزجاني والبخاري وأبو داود والنسائي. وقال ابن عدي: عامة أحاديثه مناكير وأفظعها حديث البحر".
(٥) في ت، ف: "فلم".
(٦) تفسير عبد الرزاق (١/ ٣٠٦).
(٧) في أ: "طلحة".
(٨) في أ: "ترجرج".
(٩) تفسير الطبري (١٤/ ٦٢).
(١٠) في ت، ف: "ويخرق".
(١١) في ت: "وتقطع".