للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهذا دليل على تفاوت الكفار في عذابهم، كما يتفاوت المؤمنون في منازلهم في الجنة ودرجاتهم، كما قال [الله] (١) تعالى: ﴿قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: ٣٨].

وقد قال الحافظ أبو يعلى: حدثنا سُرَيْح بن يونس، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن عبد الله بن مُرَّة، عن مسروق، عن عبد الله في قول الله: (زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ) قال: زيدوا عقارب أنيابها كالنخل الطوال (٢).

وحدثنا سريج بن يونس، حدثنا إبراهيم بن سليمان، حدثنا الأعمش، عن الحسن، عن ابن عباس أنه قال: (زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ) قال: هي خمسة أنهار فوق (٣) العرش يعذبون ببعضها بالليل وببعضها بالنهار (٤).

﴿وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (٨٩)

يقول تعالى مخاطبًا عبده ورسوله محمدا : (وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلاءِ) (٥) يعني أمته.

أي: اذكر ذلك اليوم وهوله وما منحك الله فيه من الشرف العظيم والمقام الرفيع. وهذه الآية شبيهة بالآية التي انتهى إليها عبد الله بن مسعود حين قرأ على رسول الله صدر سورة "النساء" فلما وصل إلى قوله تعالى: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا﴾ [النساء: ٤١]. فقال له رسول الله : "حسبك". قال ابن مسعود، : فالتفت فإذا عيناه تذرفان (٦).

وقوله: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ) قال ابن مسعود: [و] (٧) قد بين لنا في هذا القرآن كل علم، وكل شيء.

وقال مجاهد: كل حلال وحرام.

وقول ابن مسعود: أعم وأشمل؛ فإن القرآن اشتمل على كل علم نافع من خبر ما سبق، وعلم ما سيأتي، وحكم كل حلال وحرام، وما الناس إليه محتاجون (٨) في أمر دنياهم ودينهم، ومعاشهم


(١) زيادة من ف، أ.
(٢) مسند أبي يعلى (٥/ ٦٦) ورواه الطبري في تفسيره (١٤/ ١٠٧) من طريق أبي معاوية عن الأعمش به.
(٣) في ت، ف، أ "تحت".
(٤) مسند أبي يعلى (٥/ ٦٦) وقال الهيثمي في المجمع (١٠/ ٣٩٠): "رجاله رجال الصحيح".
(٥) في ت: "يبعث".
(٦) تقدم تخريج الحديث عند تفسير الآية: ٤١ من سورة النساء.
(٧) زيادة من ف.
(٨) في ف: "محتاجون إليه".